سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٠
وتردد إلى ابن الحنفية، فكانوا يسمعون منه ما ينكر. فلما مات يزيد، استأذن ابن الزبير في الرواح إلى العراق، فركن إليه، وأذن له، وكتب إلى نائبه بالعراق عبد الله بن مطيع يوصيه به، فكان يختلف إلى ابن مطيع، ثم أخذ يعيب في الباطن ابن الزبير، ويثني على ابن الحنفية، ويدعو إليه، وأخذ يشغب على ابن مطيع، ويمكر ويكذب، فاستغوى جماعة، والتفت عليه الشيعة، فخافه ابن مطيع، وفر من الكوفة، وتمكن هو، ودعا ابن الزبير إلى مبايعة محمد ابن الحنفية، فأبى، فحصره، وضيق عليه، وتوعده، فتألمت الشيعة له، ورد المختار إلى مكة. ثم بعث معه ابن الزبير إبراهيم بن محمد بن طلحة على خراج الكوفة، فقدم المختار وقد هاجت الشيعة للطلب بالثأر، وعليهم سليمان بن صرد، فأخذ المختار يفسدهم، ويقول: إني جئت من قبل المهدي ابن الوصي، يريد ابن الحنفية، فتبعه خلق، وقال: إن سليمان لا يصنع شيئا، إنما يلقي بالناس إلى التهلكة، ولا خبرة له بالحرب.
وخاف عمر بن سعد بن أبي وقاص، فذهب عبد الله بن يزيد الخطمي نائب ابن الزبير وإبراهيم بن محمد إلى ابن صرد، فقالا: إنكم أحب أهل بلدنا إلينا، فلا تفجعونا بأنفسكم، ولا تنقصوا عددنا بخروجكم، قفوا حتى نتهيأ. قال ابن صرد: قد خرجنا لأمر ولا نرانا إلا شاخصين. فسار، ومعه كل مستميت، ومروا بقبر الحسين، فبكوا، وأقاموا يوما عنده وقالوا: يا رب قد خذلناه، فاغفر لنا، وتب علينا، ثم نزلوا قرقيسيا، فتم المصاف بعين الوردة، وقتل ابن صرد وعامة التوابين، ومرض عبيد الله بالجزيرة، فاشتغل بذلك وبقتال أهلها عن العراق سنة وحاصر الموصل.
وأما المختار، فسجن مدة، ثم خرج، فحاربه أهل الكوفة، فقتل رفاعة بن شداد، وعبد الله بن سعد، وعدة. وغلب على الكوفة، وهرب منه
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»