سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٥٣٩
وقعة جسر أبي عبيد.
ونشأ المختار، فكان من كبراء ثقيف، وذوي الرأي، والفصاحة، والشجاعة، والدهاء، وقلة الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يكون في ثقيف كذاب ومبير " (1) فكان الكذاب هذا، ادعى أن الوحي يأتيه، وأنه يعلم الغيب، وكان المبير الحجاج، قبحهما الله.
قال أحمد في " مسنده ": حدثنا ابن نمير، حدثنا عيسى بن عمر (2)، حدثنا السدي، عن رفاعة الفتياني (3) قال: دخلت على المختار، فألقى لي وسادة، وقال: لولا أن جبريل قام عن هذه، لألقيتها لك، فأردت أن أضرب عنقه، فذكرت حديثا حدثنيه عمرو بن الحمق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما مؤمن أمن مؤمنا على دمه فقتله، فأنا من القاتل برئ " (4).
وروى مجالد، عن الشعبي قال: أقرأني الأحنف كتاب المختار إليه يزعم أنه نبي، وكان المختار قد سار من الطائف بعد مصرع الحسين إلى مكة، فأتى ابن الزبير، وكان قد طرد لشره إلى الطائف، فأظهر المناصحة،

(١) أخرجه مسلم (٢٥٤٥) في فضائل الصحابة من حديث أسماء بنت أبي بكر، وأخرجه أحمد 2 / 62، والترمذي (2220) و (3944) من حديث ابن عمر.
(2) تحرف في المطبوع إلى " عمير ".
(3) بكسر الفاء وسكون التاء وفتح الياء وبعد الألف نون: نسبة إلى فتيان بن ثعلبة بن معاوية ابن زيد كما في " المشتبه " و " اللباب " و " تبصير المنتبه " و " توضيح المشتبه ": 2 الورقة: 192.
وأخطأ الحافظ في " التقريب " فقال: " القتباني " بكسر القاف وسكون التاء بعدها موحدة.
(4) إسناده حسن، وهو في " المسند " 5 / 223، وأخرجه أحمد 5 / 222، وابن ماجة (2688) من طريقين، عن عبد الملك بن عمير، عن رفاعة بن شداد الفتياني قال: كنت أقوم على رأس المختار، فلما تبينت كذابته، هممت وأيم الله أن أسل سيفي، فأضرب عنقه، حتى ذكرت حديثا حدثنيه عمرو بن الحمق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أمن رجلا على نفسه، فقتله، أعطي لواء الغدر يوم القيامة " وإسناده صحيح.
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»