وعن الشعبي وغيره: أن عليا رضي الله عنه أقام بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة، ثم سار إلى الكوفة، واستخلف ابن عباس على البصرة، ووجه الأشتر على مقدمته إلى الكوفة، فلحقه رجل فقال: من استخلف أمير المؤمنين على البصرة؟ قال: ابن عمه. قال: ففيم قتلنا الشيخ أمس بالمدينة؟ قال: فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى سار إلى صفين، فاستخلف أبا الأسود بالبصرة على الصلاة، وزيادا على بيت المال.
قلت: وقد كان علي لما بويع، قال لابن عباس: اذهب على إمرة الشام. فقال: كلا، أقل ما يصنع بي معاوية إن لم يقتلني الحبس، ولكن استعمله، وبين يديك عزله بعد، فلم يقبل منه. وكذلك أشار على علي أن لا يولي أبا موسى يوم الحكمين وقال: ولني، أو فول الأحنف، فأراد علي ذلك، فغلبوه على رأيه.
قال أبو عبيدة في تسمية أمراء علي يوم صفين: فكان على الميسرة ابن عباس، ثم رد بعد إلى ولاية البصرة.
ومما قال حسان رضي الله عنه فيما بلغنا:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه * رأيت له في كل أقواله فضلا إذا قال لم يترك مقالا لقائل * بمنتظمات لا ترى بينها فصلا كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع * لذي أرب في القول جدا ولا هزلا سموت إلى العليا بغير مشقة * فنلت ذراها لا دينا ولا وغلا خلقت حليفا للمروءة والندى * بليجا، ولم تخلق كهاما ولا خبلا (1)