سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٣
السلام من ترى؟ فترك (1) ذلك. وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فآتيه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح علي التراب، فيخرج، فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله! ألا أرسلت إلي فأتيك؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك، فأسألك. قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي، فقال: هذا الفتى أعقل مني (2).
عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، قال: كان ناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم. قال: وكان يسأله. فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه السورة: (إذا جاء نصر الله) (النصر: 1). فقال: بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده ويستغفره. فقال عمر:
يا ابن عباس، تكلم. فقال: أعلمه متى يموت، أي: فهي آيتك من الموت، فسبح بحمد ربك واستغفره (3).

في " الطبقات " و " المستدرك ": " فتركت " وفي " المجمع ": " فركبت " وهو تحريف.
(٢) إسناده صحيح، وهو عند ابن سعد ٢ / ٣٦٧، ٣٦٨، والفسوي ١ / ٥٤٢، وصححه الحاكم ٣ / ٥٣٨، ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي في " المجمع " ٩ / ٢٧٧، وقال:
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(٣) إسناده قوي، وهو بهذا السند عند البلاذري ٣ / ٣٣، وأخرجه البخاري في المناقب و 8 / 99 في المغازي: باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وفي المغازي: باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وفي التفسير: باب قوله: (فسبح بحمد ربك واستغفره) من طريقين عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم، فدعا ذات يوم فأدخله معهم، فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال: ما تقولون في قول الله تعالى: (إذا جاء نصر الله والفتح) فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم، فلم يقل شيئا. فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت:
لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له قال: (إذا جاء نصر الله والفتح) وذلك علامة أجلك (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا). فقال: عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول. وأخرجه أحمد 1 / 337، 338، والترمذي (3362)، والطبراني (10616) و (10617) وابن جرير 30 / 333، والحاكم 3 / 539، وأبو نعيم 1 / 316، 317، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 407، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في " الدلائل ". وقوله: " قد وجدوا على عمر " معناه:
غضبوا، ولفظ " وجد " الماضي يستعمل بالاشتراك بمعنى الغضب، والحب، والغنى، واللقاء.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»