فلما أجبناك، سرت إلى هذا الأعرابي تبايع لابن أخته! قال: فما العمل؟
قالوا: تصرف الرايات، وتنزل فتظهر البيعة لابن الزبير، ففعل، وتبعه الناس. فكتب ابن الزبير إليه بإمرة الشام، وطرد الأموية من الحجاز.
وخاف مروان، فسار إلى ابن الزبير ليبايع، فلقيه بأذرعات عبيد الله بن زياد مقبلا من العراق، فقال: أنت شيخ بني عبد مناف، سبحان الله، أرضيت أن تبايع أبا خبيب ولانت أولى. قال: فما ترى؟ قال: ادع إلى نفسك، وأنا أكفيك قريشا ومواليها. فرجع، ونزل بباب الفراديس (1).
وبقي يركب (إلى الضحاك كل يوم، فيسلم عليه، ويرجع إلى منزله،) فطعنه رجل بحربة في ظهره، وعليه درع، فأثبت الحربة، فرد إلى منزله، وعاده الضحاك، وأتاه بالرجل، فعفا عنه. ثم قال للضحاك: يا أبا أنيس!
العجب لك وأنت شيخ قريش، تدعو لابن الزبير، وأنت أرضى منه! لأنك لم نزل متمسكا بالطاعة، وهو ففارق الجماعة. فأصغى إليه، ودعا إلى نفسه ثلاثة أيام، فقالوا: أخذت عهودنا وبيعتنا لرجل، ثم تدعو إلى خلعه من غير حدث! وأبوا فعاود الدعاء لابن الزبير، فأفسده ذلك عند الناس.
فقال له ابن زياد: من أراد ما تريد لم ينزل المدائن والحصون، بل يبرز، ويجمع إليه الخيل، فاخرج، وضم الأجناد، ففعل، ونزل المرج فانضم إلى مروان وابن زياد جمع. وتزوج مروان بوالدة خالد بن يزيد، وهي ابنة هاشم بن عتبة بن ربيعة، وانضم إليهم عباد بن زياد في مواليه، وانضم إلى الضحاك زفر بن الحارث الكلابي أمير قنسرين، وشرحبيل بن ذي الكلاع، فصار في ثلاثين ألفا، ومروان في ثلاثة عشر ألفا أكثرهم رجالة. وقيل: لم يكن مع مروان سوى ثمانين فرسا، فالتقوا بالمرج أياما، فقال ابن زياد: