سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ١٤٨
محمد بن سعد: حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني علقمة بن أبي علقمة، عن أمه قالت: قدم معاوية، فأرسل إلى عائشة أن أرسلي إلي بأنبجانية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره، فأرسلت به معي أحمله، حتى دخلت عليه، فأخذ الانبجانية، فلبسها، ودعا بماء فغسل الشعر، فشربه، وأفاض على جلده (1).
أبو بكر الهذلي: عن الشعبي، قال: لما قدم معاوية المدينة عام الجماعة، تلقته قريش، فقالوا: الحمد لله الذي (أعز) نصرك وأعلى أمرك، فسكت حتى دخل المدينة، وعلا المنبر، فحمد الله، وقال: أما بعد، فإني والله وليت أمركم حين وليته وأنا أعلم أنكم لا تسرون بولايتي ولا تحبونها، وإني لعالم بما في نفوسكم، ولكن خالستكم بسيفي هذا مخالسة، ولقد أردت نفسي على عمل أبي بكر وعمر، فلم أجدها تقوم بذلك، ووجدتها عن عمل عمر أشد نفورا، وحاولتها على مثل سنيات عثمان، فأبت علي، وأين مثل هؤلاء، هيهات أن يدرك فضلهم، غير أني سلكت طريقا لي فيه منفعة، ولكم فيه مثل ذلك، ولكل فيه مواكلة حسنة ومشاربة جميلة ما استقامت السيرة، فإن (2) لم تجدوني خيركم، فأنا خير لكم، والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه، ومهما تقدم مما قد علمتموه، فقد جعلته دبر أذني، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله، فارضوا ببعضه، فإنها ليست بقائبة قوبها، وإن السيل إن جاء تترى - وإن قل - أغنى، إياكم والفتنة،

(1) أورده ابن عساكر 16 / 361، ب من طريق ابن سعد.
والانبجانية: كساء منبجي يتخذ من الصوف وله خمل ولا علم له، وهو من أدون الثياب الغليظة، وكان أبو جهم قد أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم خميصة ذات أعلام، فلما شغلته في الصلاة، قال:
" ردوها عليه وائتوني بأنبجانيته " والخبر عند البخاري 1 / 406، 407، ومسلم (556)، ومالك: 1 / 97، 98، من حديث عائشة.
(2) في الأصل " فإني ".
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»