سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٨
ذلك الوعاء، لأوذي، بل لقتل. ولكن العالم قد يؤديه اجتهاده إلى أن ينشر الحديث الفلاني إحياء للسنة، فله ما نوى وله أجر وإن غلط في اجتهاده.
روى عوف الأعرابي، عن سعيد بن أبي الحسن، قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا من أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مروان زمن هو على المدينة أراد أن يكتب حديثه كله فأبي، وقال:
ارو كما روينا.
فلما أبى عليه، تغفله مروان، وأقعد له كاتبا ثقفا، ودعاه، فجعل أبو هريرة يحدثه، ويكتب ذاك الكاتب، حتى استفرغ حديثه أجمع.
ثم قال مروان: تعلم أنا قد كتبنا حديثك أجمع؟ قال: وقد فعلت!
قال: نعم. قال: فاقرؤوه علي، فقرؤوه. فقال أبو هريرة: أما إنكم قد حفظتم، وإن تطعني، تمحه. قال: فمحاه (1).
سمعه هوذة بن خليفة منه.
حماد بن زيد: حدثني عمرو بن عبيد الأنصاري: حدثني أبو الزعيزعة كاتب مروان: أن مروان أرسل إلى أبي هريرة، فجعل يسأله، وأجلسني خلف السرير، وأنا أكتب، حتى إذا كان رأس الحول، دعا به، فأقعده من وراء الحجاب، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب، فما زاد ولا نقض، ولا قدم ولا أخر (2).
قلت: هكذا فليكن الحفظ.

(1) رجاله ثقات، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 509، 510، وابن عساكر 19 / 116 / 2.
(2) أبو الزعيزعة لا يعرف، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 3 / 510، وأقره الذهبي، وهو في تاريخ دمشق 19 / 116 / 2.
(٥٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 ... » »»