سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٠
قال: أخبرنا محمد بن عمر: حدثني ابن أبي سبرة، عن عمرو بن يحيى، عن أمه، عن عبد الله بن زيد، قال: جرحت يومئذ جرحا، وجعل الدم لا يرقأ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أعصب جرحك ".
فتقبل أمي إلي، ومعها عصائب في حقوها; فربطت جرحي، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف، فقال: انهض بني، فضارب القوم! وجعل يقول: " من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة "!
فأقبل الذي ضرب ابني، فقال رسول الله: هذا ضارب ابنك. قالت:
فأعترض له، فأضرب ساقه، فبرك.
فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، حتى رأيت نواجذه، وقال: " استقدت يا أم عمارة "!
ثم أقبلنا نعله بالسلاح، حتى أتينا على نفسه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" الحمد لله الذي ظفرك " (1).
أخبرنا محمد بن عمر: حدثني ابن أبي سبرة، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن الحارث بن عبد الله: سمعت عبد الله بن زيد بن عاصم يقول: شهدت أحدا، فلما تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دنوت منه أنا وأمي، نذب عنه. فقال: " ابن أم عمارة؟ " قلت: نعم. قال: " ارم " فرميت بين يديه رجلا بحجر وهو على فرس فأصبت عين الفرس.
فاضطرب الفرس، فوقع هو وصاحبه; وجعلت أعلوه بالحجارة، والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم.

(1) ابن سعد 8 / 414. والحقو: معقد الازار، واستقدت: اقتصصت من القود وهو القصاص، ونعله: نتابع ضربه بالسلاح، من العلل: وهو الشرب بعد الشرب تباعا.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»