سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٩
خير من مقام فلان وفلان ".
وكانت تراها يومئذ تقاتل أشد القتال، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها، حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا; و [كانت تقول]: إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها. وكان أعظم جراحها، فداوته سنة. ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلى حمراء الأسد (1). فشدت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدم. رضي الله عنها ورحمها (2).
ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا عبد الجبار بن عمارة، عن عمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة: رأيتني، وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة; وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون به منهزمين، ورآني ولا ترس معي، فرأى رجلا موليا ومعه ترس، فقال: ألق ترسك إلى من يقاتل. فألقاه، فأخذته.
فجعلت أترس به عن رسول الله. وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل; لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم، إن شاء الله.
فيقبل رجل على فرس، فيضربني، وترست له، فلم يصنع شيئا، وولي; فأضرب عرقوب فرسه، فوقع على ظهره. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح:
يا ابن أم عمارة، أمك! أمك! قالت: فعاونني عليه، حتى أوردته شعوب (3).

(1) موضع على ثمانية أميال من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت الحليفة. وانظر " زاد المعاد " 3 / 242، 243 بتحقيقنا.
(2) ابن سعد 8 / 413.
(3) شعوب: من أسماء المنية، والخبر في " الطبقات " 8 / 413، 414.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»