سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ١٢٤
الصلاح الصفدي: " وأعجبني منه ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثا يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام إسناد، أو طعن في رواته، وهذا لم أر غيره يراعي هذه الفائدة فيما يورده " (1). وقد انتقد الامام الذهبي الحافظين: أبا نعيم الأصبهاني والخطيب البغدادي، وذنبهما بروايتهما الموضوعات في كتبهما وسكوتهما عنها (2). ثم وجدنا الذهبي بعد ذلك يسحب هذا النقد الحديثي ويطبقه على الروايات التاريخية والأدبية ونحوها، وبذلك تحصلت في هذا الكتاب ثروة نقدية على غاية من الضخامة، ويلمسها كل من يطالع الكتاب، أو يتصفحه لا سيما في مجلداته الأولى. وقد وجدنا الذهبي بعد ذلك لا يقتصر على أسلوب واحد في النقد، بل يتوسل بكل ممكن يوصله إلى الحقيقة، فنقد السند والمتن، واستعمل عقله في رد كثير من الروايات.
أ نقد السند:
ويكون هذا النقد عادة بتضعيف السند بسبب الكلام في أحد من رواته أو أكثر، أو تقويته استنادا إلى مقاييس المحدثين، ويحكم عليه وفقا لذلك ويستعمل التعبيرات الفنية الدالة على قولة الاسناد أو تقويته نحو قوله (3).
" إسناده صالح "، و " إسناده جيد "، و " رواته ثقات "، و " له علة غير مؤثرة "، أو العبارات الدالة على ضعف الاسناد أو تضعيفه نحو قوله: " إسناده ليس بقوي "، و " في إسناده لين "، و " فيه انقطاع "، و " إسناده ضعيف "، و " إسناده

(1) الوافي: 2 / 163.
(2) الميزان: 1 / 111.
(3) أمثلة ذلك مبثوثة في جميع الكتاب ولم نر كثير فائدة في إيراد أماكن وجودها حيث يستطيع القارئ الوقوف على مئات من ذلك بمجرد تصفحه للكتاب.
(مقدمة الكتاب ١٢٤)