عظيمة من المادة التاريخية التي لا بد أن ينتقي منها ما يتفق وخطته في صياغة الترجمة من أجل أن لا يتضخم الكتاب أزيد من هذا التضخم الكبير الذي قدره له.
من هذا الذي ذكرت اجتهد الذهبي أن يقدم ترجمة كاملة ومختصرة في الوقت نفسه لا تؤثر فيها كمية المعلومات التي تتوافر لديه، فتخرجه عن خطته العامة. وقد تمكن الذهبي أن يتخلص من مثل تلك المادة الضخمة التي تحصلت لديه عن بعض كبار الاعلام بإحالة القارئ إلى مصادر أوسع تناولت ذلك العلم بتفصيل أكثر مما ذكره هو في بعض جوانب الترجمة، نحو قوله في ترجمة عكرمة بن أبي جهل: " استوعب أخباره أبو القاسم بن عساكر "، وقوله في ترجمة يزيد بن أبي سفيان: " له ترجمة طويلة في تاريخ الحافظ أبي القاسم "، وقوله في ترجمة بلال بن رباح: " ومناقبه جمة استوفاها الحافظ ابن عساكر "، وقوله في ترجمة الكمال ابن الأنباري بعد أن ذكر عددا من تصانيفه:
" وسرد له ابن النجار تصانيف جمة "، والأمثلة كثيرة.
ومع هذا الذي ذكرت فإن طول التراجم وقصرها في " السير " من الأمور الواضحة لمطالع الكتاب، فقد نجد ترجمة لا تزيد على بضعة أسطر، بينما نجد ترجمة أخرى قد تبلغ صفحات عديدة. وقد انتقده تلميذه التاج السبكي المتوفى سنة 771 ه على خطته في تطويل التراجم وتقصيرها في كتبه التاريخية وعد ذلك من باب التعصب والهوى العقائدي (1). إلا أن دراساتنا لهذه المسألة توضح أن السبكي قد بالغ في نقده بسبب من تعصبه الشديد للأشاعرة، وتبين لنا أن الذهبي راعى في أكثر الأحايين قيمة الانسان وشهرته بين أهل علمه، أو مكانته بين الذين هم من بابته سواء أكان متفقا معه في