من الصف: امرأة عنت أم رجل؟ فقلت: لا، بل امرأة.
فقال: إنك قد كدت تفتنيني، فصلي في النساء وراءك. فإذا صف من النساء قد حدث عند الحجرات، لم أكن رأيته حين دخلت، فكنت فيهن حتى إذا طلعت الشمس، دنوت، فجعلت إذا رأيت رجلا ذا رواء وذا قشر طمح إليه بصري، لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الناس، حتى جاء رجل بعد ما ارتفعت الشمس، فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وعليك السلام ورحمة الله، وعليه أسمال مليتين، قد كانتا بزعفران وقد نفضتا، وبيده عسيب نخل مقشو غير خوصتين من أعلاه قاعدا القرفصاء. فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق، فقال له جليسه: يا رسول الله أرعدت المسكينة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينظر إلي وأنا عند ظهره: يا مسكينة عليك السكينة. فلما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم أذهب الله ما كان دخل قلبي من الرعب، وتقدم صاحبي أول رجل حريث بن حسان، فبايعه على الاسلام عليه وعلى قومه، ثم قال: يا رسول الله أكتب بيننا وبين تميم بالدهناء لا يجاوزها إلينا منهم إلا مسافر أو مجاوز. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكتب له بالدهناء يا غلام. فلما أمر له بها شخص بي، وهي وطني وداري، فقلت: يا رسول الله لم يسألك السوية من الامر إذ سألك، إنما هذه الدهناء عنده مقيد الجمل ومرعى الغنم، ونساء تميم وأبناؤها وراء ذلك. فقال:
أمسك يا غلام، صدقت المسكينة، المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر، ويتعاونان على الفتان. فلما رأى حريث أن قد حيل دون كتابه ضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال: كنت وأنت