هشام: لا أعرفه. لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق: وكان حاضرا - لكني أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟
فقال الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا أبن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الأقوام والعجم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم بكفه خيزران ريحها عبق * من كف أروع في عرنينه شمم مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم ينجاب نور الهدى عن نور غرته * كالشمس ينجاب عن إشراقها العتم حمال أثقال أقوام إذا فدحوا * حلو الشمائل تحلو عنده نعم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا الله فضله قدما وشرفه * جرى بذاك له في لوحه القلم فليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم من جده دان فضل الأنبياء له * وفضل أمته دانت له الأمم عم البرية بالاحسان فانقشعت * عنه الغيابة والاملاق والعدم كلتا يديه سحاب عم نفعهما * يستوكفان ولا يعروهما العدم سهل الخليقة لا يخشى بوادره * يزينه اثنان حسن الخلق والكرم لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * رحب الفناء أريب حين يعتزم من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم يستدفع السوء والبلوى بحبهم * ويسترب به الاحسان والنعم