والله. فلما أصبح تهيأ ليغدو، فقال قومه: نغدو معك، فقال: لا يغدون منكم أحد، إنكم إن رأيتموه حلتم بيني وبين أن أضربه، وقد عصى أمري كما ترون، أقول له: تروح الإبل لسفر (1) قليلة، يأتي بها عتمة، وليلة يغرب بها، فخرج على بعير له سريعا حتى لحق ابنه ثم حدر النعم إلى المدينة، فلما كان ببطن قناة لقيته خيل لابي بكر الصديق عليها عبد الله بن مسعود، ويقال: محمد بن مسلمة - قال الواقدي: وهو أثبت عندنا - فلما نظروا إليه ابتدروه فأخذوه وما كان معه، وقالوا له: أين الفوارس الذين كانوا معك؟ فقال: ما معي أحد. فقالوا: بلى لقد كان معك فوارس فلما رأونا تغيبوا. فقال ابن مسعود أو محمد بن مسلمة:
خلو عنه، فما كذب وما كذبتم، أعوان الله كانوا معه ولم يرهم. فكانت أول صدقة قدم بها على أبي بكر الصديق، قدم عليه بثلاث مئة بعير.
وقال الشعبي (2)، عن عدي بن حاتم: أتيت عمر بن الخطاب في أناس من قومي فجعل يفرض للرجل من طيئ في ألفين ويعرض عني، فاستقبلته، فقلت: يا أمير المؤمنين أتعرفني؟ قال: فضحك حتى استلقى لقفاه، ثم قال: نعم، والله إني لأعرفك آمنت إذ كفروا، وعرفت إذ أنكروا، ووفيت إذ غدروا، وأقبلت إذ أدبروا، وإن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيئ جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أخذ يعتذر، ثم قال: إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة، وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق.
وقال الواقدي، عن أسامة بن زيد بن أسلم، عن نافع مولى بني