تهذيب الكمال - المزي - ج ٣ - الصفحة ٤١٤
وقال أيضا: قال إياس بن معاوية: لا بد للناس من ثلاثة أشياء: لا بد لهم أن تأمن سلبهم، ويختار لحكمهم حتى يعتدل الحكم فيهم، وأن يقام لهم بأمر الثغور التي بينهم وبين عدوهم، فإن هذه الأشياء إذا قام بها السلطان، احتمل الناس ما كان سوى ذلك من أثرة السلطان، وكل ما يكرهون.
وقال الأصمعي، عن أبيه: رأيت في بيت ثابت البناني رجلا أحمد طويل الذراع. غليظ الثياب، يلوث عمامته لوثا (1)، ورأيته قد غلب على الكلام، فلا يتكلم أحد معه، فأردت أن أسأله عنه، حتى قال قائل: يا أبا واثلة، فعرفت أنه إياس. فقال: إن الرجل تكون غلته ألفا، فينفق ألفا، فيصلح وتصلح الغلة، وتكون غلته ألفين، فينفق ألفين فيصلح وتصلح الغلة، وتكون غلته ألفين، فينفق ثلاثة آلاف، فيوشك أن يبيع العقار في فضل النفقة.
وقال عبد الله بن حشرج البصري: حدثني المستنير بن أخضر، عن إياس بن معاوية بن قرة، قال: جاء دهقان فسأله عن السكر (2). أحرام هو، أو حلال؟ قال: هو حرام. قال: كيف يكون حراما. أخبرني عن التمر أحلال هو أم حرام؟ قال: حلال، قال: فأخبرني عن الكشوث (3) أحلال هو أم حرام؟ قال حلال، قال: فأخبرني عن الماء أحلال هو أم حرام؟ قال: حلال.
قال: فما خلف بينهما؟ وإنما هو من التمر والكشوث والماء،

(1) اللوث: عصب العمامة.
(2) السكر: نبيد الخمر، قال تعالى: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} (النحل / 67).
(3) الكشوث - بفتح الكاف ويضم - نبت يتعلق بالأغصان من غير أن يضرب بعرق في الأرض.
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»