تهذيب الكمال - المزي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٥
قال وأودع رجل رجلا كيسا فيه دنانير، فغاب خمس عشرة سنة، ثم رجع، وقد فتق المودع الكيس من أسفله، فأخذ ما فيه وجعل مكانه دراهم. والخاتم على حاله، فنازعه، فقال إياس: مذ كم أودعته؟ قال: من خمس عشرة سنة، فسأل المودع. فقال: صدق، فأخرج الدراهم، فوجد ما ضرب منذ عشر سنين، وخمس سنين، فقال للمودع: أقررت أنه أودعك مذ خمس عشرة سنة، وهذا ضرب أحدث مما ذكرت. فأقر له بوديعته، وردها عليه.
وقال أبو الحسن المدائني، عن عبد الله بن مصعب السليطي:
أن معاوية بن قرة، شهد عند ابنه إياس بن معاوية، مع رجال عد لهم، على رجل بأربعة آلاف درهم. فقال المشهود عليه: يا أبا واثلة، تثبت في أمري، فوالله ما أشهدتم إلا بألفين، فسأل إياس أباه والشهود، أكان في الصحيفة التي شهدوا عليها فضل؟ قالوا:
نعم. كان الكتاب في أولها، والطينة في وسطها. وباقي الصحيفة أبيض. فقال: أو كان المشهود له يلقاكم أحيانا فيذكركم شهادتكم بأربعة آلاف؟ قالوا نعم، كان لا يزال يلقانا فيقول: اذكروا شهادتكم على فلان بأربعة آلاف درهم. فصرفهم، ودعا المشهود له، فقال: يا عدو الله، تغفلت قوما صالحين، مغفلين فأشهدتهم على صحيفة، جعلت طينتها في وسطها، وتركت فيها بياضا في أسفلها، فلما ختموا الطينة، قطعت الكتاب الذي فيه حقك ألفا درهم.
وكتبت في البياض، وصارت الطينة في آخر الكتاب، ثم كنت تلقاهم فتلقنهم وتذكرهم أنها أربعة آلاف! فأقر بذلك، وسأله الستر عليه، فحكم له بألفين، وستر عليه.
وقال أبو الحسن المدائني، عن روح أبي الحسن القيسي،
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»