إلى رحالنا فائتني بأنطاع فأخذها عمر فبسطها في الكنيسة ثم عمد إلى ذلك الخبيص وما كان هيأ فعكس بعضه على بعض وقال له أعندك شئ آخر قال نعم عندنا بقل وشواء قال ائتني به قال فأخذه فخلط الشواء بالخبيص بعضه على بعض وجعل يحمل بين يديه ويجعله على الأنطاع قال طلحة فأخبرنا أحمد بن معاوية قال فأمليت هذا الحديث على رجل من أصحاب الحديث فزادني فيه فقال النبطي يا أمير المؤمنين إن هذا الطعام لا يؤكل هكذا قال فقال عمر ويل لك ولأصحابك إذا جاء من يحسن يأكل هذا ثم قال ادع الناس فجاءوا فجثوا على ركبهم فأقبلوا يأكلون فربما وقعت اللقمة من الخبيص في فم الرجل فيقول إن هذا طعام ما رأيناه فيقول عمر ويلك أما تسمع كيف لو رأوا ما رأيت فلما فرغوا قال النبطي لمعاوية إن الأحبار والرهبان قد اجتمعوا وهم يريدون أن ينظروا إلى أمير المؤمنين وإنما عليه أخلاق وسخة فهل لك أن تخدعه حتى ينزعها ولبس ثيابا حتى يقضي جمعته فقال له معاوية أما أنا فلا أدخل في هذا بعد إذ نجوت منه أمس فقال له النبطي يا أمير المؤمنين ثيابك قد اتسخت فإن رأيت أن تعطيناها حتى نغسلها ونرمها (1) قال نعم فغسل الثياب وتركها في الماء ثم هيأ له قميصا مرويا (2) ورداء قصبا (3) فلما حضرت الجمعة قال له عمر ائتيني بثيابي فقال له يا أمير المؤمنين ما جفت نعيرك ثوبين حتى تقضي جمعتك فقال أريني فلما نظر إلى القميص قال ويحك كأنما رفي هذا رفوا أغربهما عني وائتني بثيابي فجاء بها تقطر فجعل يتناولها وجعل النبطي يأخذ بطرف الثوب وعمر بالطرف الآخر ويعصرها ثم عاد بكرسي من كراسي الكنيسة فقام عليه يخطب الناس ويمسح ثيابه ويمددها قال فسأله أي شئ كانت ثيابه قال غزل كتان قال فجاءت الرهبان فقاموا وراء الناس وعليهم البرانس (4) تبرق بريقا ومعهم العصي فيها تفاح الفضة ومعهم المواكب فلما نظروا إلى هيئته قالوا أنتم الرهبان لا والله ولكن هذه الرهبانية ما أنتم عنده إلا ملوك
(٢٣٤)