هو فاستحيا ثم نودي يا موسى ارجع حيث كنت فرجع وهو شديد الخوف فقال " خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى " (1) فأدركه الخوف وعليه جبة من صوف فلف كم جبته على يده قال فقال له الملك يا موسى أرأيت لو أذن لها في الذي تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئا قال موسى لا ولكني ضعيف خلقت من ضعف قال له أخرج يدك فكشف عن يده فقال أدخلها في فيه فوضعها في في الحية حتى جس الأضراس والأنياب ووجد ذلك بيده في موضعها الذي كان يضعها بين الشعبتين فقبض عليها فإذا هي عصا كما كانت قال فقال له (2) ادن مني (3) يا موسى فدنا منه فقال أخرج يدك من جيبك فأخرجها فإذا فيها شعاع مثل شعاع الشمس " بيضاء من غير سوء " (4) يعني من غير مرض (5) فقال له العصا آية ويدك " آية أخرى لنريك " بعدهما " من آياتنا الكبرى " (6) ادن مني فإني موقفك اليوم مكانا لا ينبغي لبشر من بعدك أن يقوم مقامك أدنيتك وقربتك حتى سمعت كلامي وكنت بأقرب المنازل والأمكنة مني فاسمع قولي واحفظ وصيتي وارع عهدي وأنطق برسالتي فإنك تسمعني (7) وتعيني وأنا معك أيدي ونصري (8) وسألبسك (9) جبة من سلطاني تستكمل بها القوة في أمري وأنت جند من جندي بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر نعمتي وأمن مكري وغرته الدنيا عني حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي وعبد دوني وتمثل بي وزعم أنه لا يعرفني وإني أقسم بعزتي لولا الحجة والعذر اللذان وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار تغضب لغضبة السماوات والأرض والجبال إن آذن للسماء حصبته وإن آذن للجبال دمرته وإن آذن للبحار غرقته ولكنه هان علي وسقط من عيني ووسعه حلمي واستغنيت بما عندي وحق لي إني أنا الغني لا غني غيري فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسمي وحذره نقمتي وبأسي وأخبره أنه لا يقوم شئ لغضبي وذكره أيامي وقل له فيما بين ذلك قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ولا يغرنك ما ألبسته من لباس الدنيا فإن ناصيته بيدي ليس يطرف ولا ينظر ولا يتنفس إلا بإذني وقل له أجب ربك فإنه واسع المغفرة
(٤٧)