قدم نجاح دمشق في صحبة المتوكل وكان يتولى ديوان التوقيع له وقد تقدم ذكر قدومه في ترجمة محمد بن عمرو بن حوي قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم النسيب عنه أخبرنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت نا محمد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحليمي حدثني عون بن محمد الكندي نا أبي قال كان رجل من دهاة الكتاب وفضلائهم قد ولي بعض النواحي عاملا عليها فطولب بالحساب فدافع به حتى انقرضت دولة المأمون والمعتصم والمتوكل والواثق وقد ولي في هذه المدة من الوزراء أحد عشر وزيرا كل ذلك يطالب في كل وقت فيدافع ويصانع وينسحب ويعمل كل حيلة في ذلك إلى أن ولي نجاح بن سلمة الوزارة فلما كان يوما من الأيام وقع ذكره إليه فسأله عنه فقيل له أيها الوزير هذا رجل له منذ أيام يطلب فلا يقدر عليه فنظر نجاح بن سلمة إلى رجل بين يديه يرفع رأسه إليه وقال له احلف بحق رأسي أنك تطلب هذا الرجل حيث كان وأنك إذا رأيته لم تتركه يأكل خبزا ولا يصلي ويعمل شيئا دون إحضاره الديوان وكان الرجل يعرف بمحمد بن مسلمة الواسطي فقال له وحلف برأسه إني أفعل جميع ما أمرني به الوزير إن شاء الله وقد مضى في طلبه وكان الرجل جزلا متحركا ذا حيلة ولطف فلم يزل هذا الرجل يتوصل إلى أن وقع في يديه وكان واسع الحيلة فبذل له مالا كثيرا فامتنع عليه فلما لم ير له عنده فرجا صار معه إلى دار الوزير فصادفه (1) (2) قد ركب إلى دار السلطان (3) فجلس في بعض المواضع ينتظر رجوعه وكان محمد بن مسلمة رجلا صفراويا يصبر على الجوع فجاع جوعا شديدا كاد أن يتلف منه فقال للرجل يا هذا أنا والله جائع ومنزلي قريب امض معي لنأكل خبزا ونرجع إلى حين يعود الوزير فقال لا فقال له فاشتر (4) لي شيئا آكله فما معي فضة فقال له ما معي فضة أيضا قال اقترض لي درهما بدينار فقال لا أفعل كل ذلك يفزع الرجل من كثرة حيله واتساعها وتخوف بعد حصوله (5) أن يفلت منه وزاد الجوع على محمد بن المسلمة
(٤٥٢)