فليصنع (1) الدهر لي ما شاء مجتهدا * فلا زيادة شئ فوق ما صنعا * فقال والله لأغنينك فأجازه بعشرة آلاف دينار فقدم بها المدينة فأكلها ابنه في السخاء والكرم أخبرنا أبو القاسم وأبو الحسن قالا نا وأبو منصور المقرئ أنا أبو بكر (2) الحافظ أخبرني الحسن بن محمد بن الحسن الخلال نا أحمد بن محمد بن عمران نا محمد ابن القاسم الأنباري نا الحسن بن علي العنزي نا العباس بن عبد الله بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس حدثتني جدتي فائقة بنت عبد الله أم عبد الواحد بن جعفر بن سليمان قالت انا يوما عند المهدي أمير المؤمنين وكان قد خرج متنزها إلى الأنبار إذ دخل عليه الربيع ومعه قطعة من جراب فيه كتابة برماد وخاتم من طين قد عجن قد عجن بالرماد وهو مطبوع بخاتم الخلافة فقال يا أمير المؤمنين ما رأيت أعجب من هذه الرقعة جاءني بها رجل أعرابي وهو ينادي هذا كتاب أمير المؤمنين المهدي دلوني على هذا الرجل الذي يسمى الربيع فقد أمرني أن أدفعها إليه وهذه الرقعة فأخذها المهدي وضحك وقال صدق هذا خطي وهذا خاتمي أفلا أخبركم بالقصة كيف كانت قلنا يا أمير المؤمنين أعلى عينا في ذلك قال خرجت أمس إلى الصيد في غب سماء فلما أصبحت هاج علينا ضباب شديد وفقدت أصحابي حتى ما رأيت منهم أحدا وأصابني من البرد والجوع والعطش ما الله به أعلم وتحيرت عند ذلك فذكرت دعاء سمعته من أبي يحكيه عن أبيه عند جده عن ابن عباس رفعه قال من قال إذا أصبح وإذا أمسى بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله اعتصمت بالله وتوكلت على الله حسبي الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقي وكفي وشفي من الحرق والغرق والهدم وميتة السوء فلما قلتها رفع لي ضوء نار فقصدتها فإذا بهذا الأعرابي في خيمة له وإذا هو يوقد نارا بين يديه فقلت أيها الأعرابي هل من ضيافة قال انزل فنزلت فقال لزوجته هاتي ذاك الشعير فأتت به فقال اطحنيه فابتدأت تطحنه فقلت له اسقني ماء فأتاني بسقاء فيه مذقة (3) من لبن أكثرها ماء فشربت منها شربة ما شربت قط شيئا إلا هي أطيب منه قال وأعطاني حلسا (4) له فوضعت رأسي عليه فنمت نومة ما نمت
(٤٣٥)