تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٤ - الصفحة ٣٢
فجئت حتى قرعت الباب قال فقيل من هذا قال قلت ابن الخطاب قال وكانوا يقرءون كتابا في أيديهم قال فقاموا مبادرين فاختبؤا مني قال وتركوا الصحيفة على حالها قال فلما أن فتحت لي (1) أختي قال قلت لها يا عدوة نفسها أصبوت وأرفع شيئا في يدي فأضرب بها رأسها وسال الدم فلما رأت الدم بكت المرأة وقالت يا ابن الخطاب ما كنت فاعلا فافعله فقد صبوت قال فدخلت وأنا مغضب حتى جلست على السرير فنظرت فإذا صحيفة وسط البيت قال فقلت لها ما هذه الصحيفة أعطنيها فقالت إنك لست من أهلها إنك لا تغتسل من الجنابة ولا تطهر وهذا لا يمسه إلا المطهرون قال فلم أزل بها حتى أعطتنيها قال ففتحتها فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم فلما قرأت " الرحمن الرحيم " ذعرت وألقيت الصحيفة من يدي ثم رجعت إلى نفسي فأخذتها فإذا فيها " بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " (2) قال فكلما مررت باسم من أسماء الله ذعرت ثم ترجع إلي نفسي قال حتى بلغت " آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه " (3) قال فقلت أشهد أن لا إله الله وأن محمد رسول الله قال فخرج القوم مستبشرين فكبروا قال ثم قالوا أبشر يا ابن الخطاب فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعا في يوم الاثنين فقال اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك أبي جهل بن هشام وإما عمر بن الخطاب وأنا أرجو أن تكون دعوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لك فأبشر قال فقلت دلني على مكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبروني أنه في بيت في أسفل الصفا قال فخرجت حتى جئت الباب فقرعته فقالوا من هذا قال قلت ابن الخطاب قال فما اجترأ أحد منهم أن يفتح لي قال قد علموا شدتي على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعني فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) افتحوا له فإن يرد الله به خيرا يهده قال ففتحوا له قال ثم أخذ رجلان بعضدي حتى أجلساني بين يدي النبي (صلى الله عليه وسلم) قال فقال خلوا عنه ثم أخذ بجمع قميصي فجذبني إليه وقال أسلم يا ابن الخطاب اللهم اهده قال فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال فكبر المسلمون تكبيرة حتى سمعت في طرق مكة وكانوا قبل ذلك مستخفين

(1) بالأصل: (إلى).
(2) سورة الحديد، الآية الأولى.
(3) سورة الحديد، الآية: 7.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»