تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٤ - الصفحة ٣٦
ثم إن قريشا بعثت عمر بن الخطاب وهو يومئذ مشرك في طلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) في دار في أصل الصفا ولقيه النحام وهو نعيم بن عبد بن أسد أخو بني عدي بن كعب قد أسلم قبل ذلك وعمر متقلد سيفه فقال يا عمر أين تراك تعمد فقال أعمد إلى محمد هذا الذي سفه أحلام قريش وسفه آلهتها وخالف جماعتها فقال له النحام لبئس الممشى مشيت يا عمر ولقد فرطت وأردت هلكة بني عدي بن كعب (1) أو تراك تنفلت (2) من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا (صلى الله عليه وسلم) فتحاورا حتى ارتفعت أصواتهما فقال له عمر إني لأظنك قد صبوت (3) ولو أعلم ذلك لبدأت بك فلما رأى النحام أنه غير منته قال فإني أخبرك أن أهلك وأهل ختنك قد أسلموا وتركون وما أنت عليه من ضلالتك (4) فلما سمع عمر تلك المقالة يقولها قال وأيهم قال ختنك وابن عمك وأختك فانطلق عمر حتى أتى أخته وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أتته الطائفة من أصحابه من ذوي الحاجة نظر إلى أولي السعة فيقول عندك فلان فوافق ذلك ابن عم عمر وختنه زوج أخته سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فدفع إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خباب بن الأرت مولى ثابت ابن أم أنمار حليف بني زهرة وقد أنزل الله عز وجل " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى " وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعا ليلة الخميس فقال اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي الحكم بن هشام فقال ابن عم عمر وأخته نرجو أن تكون دعوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمر فكانت قال فأقبل عمر حتى انتهى إلى باب أخته ليغير عليها ما بلغه من إسلامها فإذا خباب ابن الأرت عند أخت عمر يدرس عليها " طه " وتدرس عليه " (5) إذا الشمس كورت " وكان المشركون يدعون الدراسة الهينمة فدخل عمر فلما أبصرته أخته عرفت الشر في وجهه فخبأت الصحيفة وزاغ خباب فدخل البيت فقال عمر لأخته ما هذه الهينمة في بيتك قالت ما عدا حديثا نتحدث به بيننا فعذلها وحلف أن لا يخرج حتى يتبين شأنها فقال له زوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل إنك لا تستطع أن تجمع الناس على هواك يا عمر وإن كان الحق سواه فبطش به عمر فوطئه وطئا شديدا وهو غضبان فقامت إليه أخته تحجزه

(1) بالأصل: بن عدي، والمثبت عن سيرة ابن إسحاق.
(2) بالأصل: مفلت، والمثبت عن سيرة ابن إسحاق.
(3) في سيرة ابن إسحاق: صبأت.
(4) بالأصل: ضلالك، والمثبت عن ابن إسحاق.
(5) في سيرة ابن إسحاق: ويدرس عليها.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»