تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٩ - الصفحة ٣٧٥
نعمته أما بعد فإن الله جل وعز رضي لكم السمع والطاعة والجماعة وحذركم المعصية والفرقة والاختلاف وأنبأكم أن (1) قد فعله الذين من قبلكم وتقدم إليكم لتكون له الحجة عليكم إن عصيتموه فاقبلوا نصيحة الله جل وعز واحذروا عذابه فإنكم لن تجدوا أمة من الناس هلكت إلا من بعد أن تختلف فلا (2) يكون لها رأس يجمعها ومتى ما تفعلوا ذلك لا تقيموا صلاة جميعا ولا تخرجوا صدقة جميعا ويسلط عليكم عدوكم ولا تقبضوا رزقا ولا عطاء ويستحل بعضكم حرمة بعض ولا تكن (3) لكم ذمة تكونوا شيعا وقد قال الله جل وعز لرسوله (صلى الله عليه وسلم) " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبؤهم بما كانوا يفعلون " (4) وإني أوصيكم بما أوصاكم الله به وأحذركم عذابه فإن شعيبا قال لقومه " يا قوم لا يجرمنكم شقاقي " (5) قال ابن أبي الخصيب قرأها إلى " وما قوم لوط منكم ببعيد " (5) أما بعد فإن أقواما ممن قال في هذا الحديث أظهروا للناس إنما تدعون إلى كتاب الله والخير ولا يريدون به الدنيا ولا منازعة فيها فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلكم شتى منهم الآخذ للحق نازل عنده حتى يعطاه ومنهم تارك للحق راغبا (6) في الأمر يريد أن يبتزه بغير الإمرة واستعجلوا القدر وقد كانوا كتبوا إليكم أنهم قد رضوا بالذي أعطيتهم ولا أعلمني نزعت من الذي عاهدتم عليه شيئا كانوا يزعمون إنما يطلبون كتاب الله عز وجل والحدود فقلت أقيموها (7) على من قد علمتم من قريب أو بعيد وقالوا كتاب الله يتلى فقلت ليتله (8) من شاء غير غال فيه من تلاه بغير ما أنزل الله في الكتاب وقالوا المنفي يقلب إلى داره والمحروم يرزق والمال يوفر وليس فيه السنة الحسنة ولا يتعدى في الخمس ولا في الصدقة ويؤمر ذو القوة والأمانة ويرد مظالم الناس إلى أهلها فرضيتم بذلك كله واصطبرت له وجئت نسوة النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت ما تأمرن (9) بفعله فقلن (10) أمر عمرو بن العاص وعبد الله بن قيس وذر معاوية فإنما أمره الأمراء قبلك وأقر ابن كريز على البصرة فإنه مصلح لأرضه راض به جنده وأمره أن يصلح أرضه فكل ذلك فعلت

(1) الطبري: ما.
(2) الطبري: إلا أن يكون.
(3) الأصول: تكون.
(4) سورة الأنعام، الآية: 159.
(5) سورة هود، الآية: 89.
(6) كذا بالأصول.
(7) الأصل: قيموها، والمثبت عن " ز "، وم.
(8) الأصول: ليتلوه.
(9) الأصل: تأمرون، والتصويب عن م و " ز ".
(10) الأصل: فلقن، والتصويب عن م و " ز ".
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»