تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٩ - الصفحة ٣٧٩
فأشر علي برجل ينفذ لأمري ولا يقصر فقال ما أعرف ذلك غيري فقال أنت لها فأشر علي برجل أبعثه (1) على مقدمتك لا يتهم رأيه ولا نصيحته وعجله في سرعان (2) الناس فقال أمن جندي أم من غيرهم فقال من أهل الشام فقال إن أردته من جندي أشرت به عليك وإن كان من غيرهم فإني أكره أن أغرك بمن لا علم لي به فقال فهاته من جندك قال يزيد بن شجعة الحميري فإنه كما تحب فإنهم لفي ذلك إذ قدم الكتاب بالحصر فدعاهما ثم قال لهما النجاء سيرا فأغيثا أمير المؤمنين وتعجل أنت يا يزيد فإن قدمت يا حبيب وعثمان حي فهو الخليفة والأمر أمره فأنفذ لما يأمرك به وإن وجدته فقد قتل فلا تدعن أحدا أشار إليه ولا أعان عليه إلا قتلته وإن أتاك شئ قبل أن تصل إليه فأقم حتى أرى من رأيي وبعث يزيد بن شجعة فأمضاه على المقدمة في ألف فارس على البغال يقودون الخيل معهم الإبل عليها الروايا وأتبعهم حبيب بن مسلمة وهو على الناس وخرجوا جميعا وأغذ يزيد السير فانتهى إلى ما بين خيبر والسقيا فلقيه الخبر ثم لقيه النعمان بن بشير معه القميص الذي قتل فيه عثمان مخضب (3) بالدماء وأصابع امرأته وأخبره الخبر فرجع يزيد إلى حبيب ومعه النعمان فأمضى حبيب النعمان إلى معاوية وأقام فأتاه رأيه فرجع حتى قدم دمشق ولما قدم النعمان على معاوية أخرج (4) القميص وأصابع نائلة بنت الفرافصة إصبعان قد قطعتا ببراجمهما (5) وشئ من الكف وإصبعان مقطوعتان (6) من أصلهما مفترقتين ونصف الإبهام وأخبره الخبر فوضع معاوية القميص على المنبر وكتب بالخبر إلى الأجناد وثاب إليه الناس وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع معلقة فيه وآلى رجال من أهل الشام لا يأتون النساء ولا يمسون الغسل إلا من احتلام ولا ينامون على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان ومن عرض دونهم أو تفنى أرواحهم فمكثوا يبكون حول القميص [سنة والقميص] (7) يوضع كل يوم على المنبر ويجلل أحيانا فيلبسه وعلق في أردانه أصابع نائلة رحمها الله

(1) الأصل: بعثه، والتصويب عن م و " ز ".
(2) أي أوائلهم.
(3) كذا بالأصول: مخضب.
(4) بالأصول الثلاثة: فأخرج.
(5) الأصل وم ببراجمها، والمثبت عن " ز ".
والبراجم هي مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع والسلاميات.
(6) بالأصول الثلاثة: وأصبعين مقطوعتين.
(7) الزيادة عن " ز "، وم.
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»