تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٩ - الصفحة ٢٤٦
قال فأجمع رأينا مع رأيه على ذلك قال وقال علي لو وليت مثل الذي ولي لصنعت مثل الذي صنع أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر المخلص أنا أبو بكر بن سيف أنا السري بن يحيى أنا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر عن محمد وطلحة قالا وبلغ عثمان شدة ذلك على عبد الله فكتب إليه إن الذي أتاك من قبلي ليس برأي ابتدعته ولا [حدث أ] (1) حدثته ولكن هذا القرآن واحد جاء من عند واحد (1) وهؤلاء قراء القرآن عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أهل دار الهجرة والمهاجرون والأنصار وصالحو الأمصار قد نهضوا فيه وقاموا به في كل أفق وخافوا أن يلبس من بعدهم وأن يجعله الناس عضين (3) وليس بهم أنت ولا أمثالك فقام ابن مسعود يوم خطبته فخطب وعذر المسلمين وقال إن الله لا ينزع العلم انتزاعا ولكن ينزعه بذهاب العلماء وإن الله لا يجمع أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) على ضلالة فجامعوهم على ما اجتمعوا عليه وكان الحق فيما اجتمعوا عليه فوالله ما بايعه (4) أصحابه ولكن استعربوا (5) فكتب ابن مسعود بذلك إلى عثمان واستأذنه في الرجوع إلى المدينة وأعلمه أنه يكره المقام بالكوفة لما يخاف أن يحدث فيها بعد فشو الدنيا والإذاعة والتكلف ويأبى أن يأذن له حتى أذن له قبل موته بأشهر لإكثاره (6) عليه وكتب عثمان إلى الأمراء أما بعد فإن الرعية قد طعنت في الانتشار ونزعت إلى الشر وأعداها على ذلك ثلاث دنيا مؤثرة وأهواء متشرعة وضغائن محمولة ويوشك أن ينفر ثم يغير فلا تجعلوا لأحد علة كفوا عنهم ما لم يخرقوا (7) دينا وخذوا العفو من أخلاقهم واحملوهم ودين الله لا توكبنه وكتب أيضا إليهم استعينوا على الناس وكل ما ينوبكم بالصبر والصلاة وأمر الله أقيموه ولا تدهنوا فيه وإياكم والعجلة فيما سوى ذلك وارضوا من الشر بأيسره فإن قليل الشر كثير واعملوا أن الذي ألف بين القلوب هو الذي يفرقها ويباعد بعضها من بعض سيروا

(١) الزيادة عن م للإيضاح.
(٢) الأصل: علي، والمثبت عن م.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى (جعلوا القرآن عضين)، أي فرقوه وجزأوه أجزاء. راجع تفسير القرطبي.
(4) في م: بايعه.
(5) الاستعراب والتعريب: الإفحاش في القول. عربت على الرجل كلامه وقوله إذا قبحته عليه.
(6) الأصل: لاكتراره، والمثبت عن م.
(7) في م: يخونوا، وفي المطبوعة: يحرفوا.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»