تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٩ - الصفحة ٢٤٢
يقولون لهؤلاء نحن أصوب منكم قراءة وقرآنا ويقول هؤلاء لهم مثل ذلك فلما رجع إلى الكوفة دخل المسجد فتقوض إليه (1) الناس فحذرهم ما سمع في غزاته تلك وحذرهم ما يخاف فساعده على ذلك أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن أخذ عنهم وعامة التابعين وقال له أقوام ممن قرأ على عبد الله وما تنكر ألسنا نقرأ على قراءة ابن أم عبد (2) وأهل البصرة يقرءون على قراءة أبي موسى ويسمونها لباب الفؤاد (3) وأهل حمص يقرءون على قراءة المقداد وسالم فغضب حذيفة من ذلك وأصحابه وأولئك التابعون وقالوا إنما أنتم أعراب وإنما بعث عبد الله إليكم ولم يبعث إلى من هو أعلم منه فاسكتوا فإنكم على خطأ وقال حذيفة والله لئن عشت حتى آتي أمير المؤمنين لأشكون إليه ذلك ولآمرنه ولأشيرن عليه أن يحول بينه وبين ذلك حتى ترجعوا إلى جماعة المسلمين والذي عليه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة وقال الناس مثل ذلك فقال عبد الله والله إذا ليصلين الله وجهك نار جهنم فقال سعيد بن العاص أعلى الله تألى (4) والصواب مع صاحبك فغضب سعيد فقام وغضب ابن مسعود فقام وغضب القوم فتفرقوا وغضب حذيفة فرحل إلى عثمان حتى قدم عليه فأخبره بالذي حدث في نفسه من تكذيب بعضهم بعضا بما يقرأ ويقول أنا (5) النذير العريان فأدركوا (6) فجمع عثمان الصحابة وأقام حذيفة فيهم بالذي رأى وسمع وبالذي عليه حال النساء فأعظموا ذلك ورأوا جميعا مثل الذي رأى قالوا إن يتركوا ويمضي هذا القرن لا يعرف القرآن فسأل عثمان ما لباب الفؤاد فقيل مصحف كتبه أبو موسى وكان قرأ على رحال كثير ممن لم يكن جمع على النبي (صلى الله عليه وسلم) وسأل عن مصحف ابن مسعود فقيل له قرأ على مجمع بن جارية وخباب بن الأرت جمع القرآن بالكوفة فكتب مصحفا وسال عن المقداد فقيل له جمع القرآن بالشام فلم يكونوا قرأوا على النبي (صلى الله عليه وسلم) إنما جمعوا القرآن في أمصارهم فاكتتبت (7) المصاحف وهو بالمدينة وفيها الذين قرأوا القرآن على النبي (صلى الله عليه وسلم) وبثها في الأمصار وأمر الناس أن يعمدوا (8) إليها وأن يدعوا ما يعلم من الأمصار فكل الناس عرف فضل ذلك أجمعوا عليه وتركوا ما سواه إلا ما كان من

(1) تقوض انهدم، وتقوض الرجل: جاء وذهب (القاموس المحيط).
(2) يعني عبد الله بن مسعود.
(3) في ابن الأثير: لباب القلوب.
(4) الأصل وم قالا، والتصويب عن المختصر، وتألى: حلم عليه وحلف.
(5) الأصل: إنما، والمثبت عن م.
(6) في ابن الأثير: فأدركوا الأمة.
(7) الأصل وم والمطبوعة، وفي المختصر: فاكتتب.
(8) الأصل: يعهدوا، وفي م: يعدوا، والمثبت عن المختصر.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»