لعمرو بن حريث راية على جميع الناس وأمره أن يقعد لهم في المسجد فلما جاء المختار فوقف على باب الفيل مر به هانئ بن أبي حية الوادعي (1) فقال للمختار (2) مما وقوفك ها هنا لا أنت مع الناس ولا أنت في رحلك فقال أصلح (3) رأي مرتجيا لعظيم خطابكم فقال له أظنك والله قاتلا نفسك ثم دخل على عمرو بن حريث فأخبره بما قال للمختار وما ورد عليه المختار قال أبو مخنف فأخبرني النضر بن صالح عن عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي قال كنت جالسا عند عمرو حين بلغه هانئ بن أبي حية (4) عن المختار هذه المقالة قال قم إلى ابن عمك فأخبره أن صاحبه لا يدرى أين هو فلا يجعلن على نفسه سبيلا فقمت لآتيه ووثب إليه زائدة (5) بن قدامة بن مسعود فقال له يأتيك على أنه آمن فقال له عمرو بن حريث أما من قبلي فهو آمن وإن رقي إلى الأمير عبيد الله بن زياد شئ من أمره قلت له بمحضره الشهادة وشفعت له أحسن الشفاعة فقال له زائدة بن قدامة لا يكون مع هذا إن شاء الله إلا خير قال عبد الرحمن فخرجت ومعي زائدة إلى المختار فأخبرناه بمقالة ابن أبي حية (4) وبمقالة عمرو بن حريث وناشدناه بالله لا يجعل على نفسه سبيلا فجلس إلى ابن حريث فسلم وجلس تحت رأسه حتى أصبح وتذاكر الناس أمر المختار وفعله فمشى عمارة بن عقبة بن أبي معيط بذلك إلى عبيد الله بن زياد فذكر له فلما ارتفع النهار فتح باب عبيد الله بن زياد وأذن للناس فدخل المختار فيمن دخل فدعاه عبيد الله بن زياد وقال له أنت المقبل في المجموع لتنصر ابن عقيل فقال لم أفعل ولكني أقبلت فنزلت تحت راية عمرو بن حريث وبت معه وأصبحت فقال له عمرو صدق أصلحك الله قال فرفع القضيب واعترض به وجه المختار فخبط به عينيه (6)
(٢٩٦)