قال شرحبيل بن حسنة قد صاحبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنت أضل من حمار أهلك قال عمرو صدقت قال معاذ بن جبل لعمرو بن العاص كذبت ليس بالطوفان ولا بالرجز ولكنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم محمد (صلى الله عليه وسلم) وقبض الصالحين قبلكم اللهم أئت آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة فما أمسى حتى طعن عبد الرحمن ابنه الذي كان يكنى به بكره وأحب الخلق إليه فرجع معاذ من المسجد فوجده مكروبا فقال يا عبد الرحمن كيف أنت فاستجاب له فقال يا أبه الحق من ربك فلا تكن من الممترين قال معاذ وأنا إن شاء الله ستجدني من الصابرين فأمسكه ليلته ثم دفنه من الغد فأخذ بامرأتيه جميعا فأراد أن يقرع بينهما أيهما تجئ قبل الأخرى فقال الحارث بن عميرة جهزها جميعا أبا عبد الرحمن ويحفر لهما قبرا واحدا فشق لإحداهما والحد للأخرى فما عدا أن فرغ منهما فطعن فأخذ معاذ يرسل الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة بن الجراح يسأله كيف هو فأراه أبو عبيدة طعنه خرجت في كفه فتكابر شأنها في نفس الحارث وفرق منها حين رأها وأقسم له أبو عبيدة ما يحب أن له مكانها حمر النعم فرجع الحارث إلى معاذ فوجده مغشيا عليه فبكى الحارث واشتكى عليه ساعة ثم إن معاذا (1) أفاق فقال يا ابن الحميرية لم تبكي علي أعوذ بالله منك أن تبكي علي فقال الحارث والله ما عليك أبكي قال معاذ فعلى ما تبكي قال أبكي على ما فاتني منك العصرين الغدو والرواح قال معاذ أجلسني فأجلسه الحارث في حجره قال اسمع مني فإني أوصيك بوصية إن الذي تبكي علي زعمت من غدوك ورواحك إلي قال أتعلم مكانه لمن أراد بين لوحي المصحف فإن أعيا عليك تفسيره فاطلبه بعدي عند ثلاثة عند عويمر أبي الدرداء وعند سلمان الفارسي وعند عبد الله بن مسعود بن أم عبد وأحذرك ذلة العالم وجدال المنافق واحذر طلبة القرآن (2) قال سمعته يحدث أن معاذا اشتد عليه النزع نزع الموت فنزع نزعا لم ينزعه أحدا فكان كلما أفاق من غمرة فتح طرفه ثم قال اختقى خنقك فوعزتك ربي إنك لتعلم أن قلبي يحبك
(٤٦٠)