فكتب إليه حارثة بن بدر لم يعم علينا الرأي يا أبا الأسود وختم كتابه بهذا الشعر جزاك مليك الناس خير جزائه * فقد قلت معروفا وأوصيت كافيا أمرت بحزم لو أمرت بغيره * لألفيتني فيه لأمرك عاصيا ستلقى أمرا يصفيك بالود مثله * ويوليك حفظ الغيب إن كنت نائيا وأقرب ما عندي المواساة مسمحا * إذا لم يجد يوما صديقا مكافيا * وقال القاضي أبو الفرج (1) رحمة الله رخم أبو الأسود حارثة في شعره فحذف الهاء والثاء وبعض النحويين لا يجيز هذا ويقول يا حارث في ترخيم حارثة فيحذف الهاء خاصه فيقول أحارث وأحارث على لغتين للعرب فيه أفصحها إقرار حركة الحرف في الترخيم على ما كانت عليه وهو الوجه المختار والأخرى ضمة على حكم النداء المفرد والقضاء على ما بقي بعد حذف الطرف للترخيم فإنه اسم قد قام بنفسه وكفى بغيره ولا نجيز هذا الترخيم على هذين الوجهين إلا في ترخيم حارث وقد احتج بشعر أبي الأسود وغيره في إجازة هذا الترخيم من أجازه وقوله وأقرب ما عندي المواساة مسمحا * إذا لم يجد يوما صديقا مكافيا * قوله مسمحا من السماحة والسماح سمح فلان بماله ومعروفه وسامح وتسمح وتسامح ويقال أسمح فلان فهو مسمح إذا انقاد وأصحب وألان جانبه وقارب غير مستصعب قال تميم بن أبي بن مقبل العجلاني (2) هل القلب عن دهماء سال فمسمح * وتاركه منها الخيال المبرح * قال وأنبأنا المعافى نبأنا محمد بن يحيى الصولي أنبأنا محمد بن عبد الرحمن التميمي (3) عن أبيه نبأنا خالد بن سعيد عن أبيه قال لما ولى زياد حارثة بن بدر الغداني سرق خرج معه المشيعون فقال له أبو الأسود مشيرا (4) إليه أحار ابن بدر قد وليت ولاية * فكن جرذا فيها تخون وتسرق
(٣٩٣)