وفد حاتم (1) على النعمان بن المنذر فأكرمه وأدناه ثم زوده عند انصرافه حملين ذهبا وورقا غير ما أعطاه من طرائف بلده فرحل فلما أشرف على أهله تلقته أعاريب طيئ فقالت يا حاتم أنت أتيت من عند الملك بالغنى وأتينا من عند أهالينا بالفقر فقال حاتم هلم فخذوا ما بين يدي فتوزعوه فوثب القوم إلى ما بين يديه من حباء النعمان فاقتسموه فخرجت إلى حاتم طريفة جاريته فقالت له اتق الله وأبق على نفسك فما يدع هؤلاء دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا فأنشأ حاتم يقول (2) قالت طريفة ما تبقى دراهمنا * وما بنا سرف فيها ولا خرق إن يفن ما عندنا فالله يرزقنا * ممن سرانا ولسنا نحن نرتزق ما يألف الدرهم الكاري خرقتنا * إلا يمر علينا ثم ينطلق إنا إذا اجتمعت يوما دراهمنا * ظلت إلى سبل المعروف تستبق * أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن ناصر وأبو الحسن سعد الخير بن محمد قالا أنبأنا طراد بن محمد الزينبي أنبأنا أبو الحسين بن بشران أنبأنا أحمد بن محمد بن جعفر نبأنا عبد الله بن محمد قال سمعت أبا بكر بن عياش قال قال رجل لحاتم هل في العرب أجود منك قال كل العرب أجود مني ثم أنشأ يحدث قال نزلت على غلام من العرب يتيم ذات ليلة وكانت له مائة من الغنم فذبح لي شاة وأتاني بها فلما قرب إلى دماغها قلت ما أطيب هذا الدماغ قال فذهب فلم يزل يأتيني منه حتى قلت قد اكتفيت قال فلما أصبحت فإذا هو قد ذبح المائة شاة وبقي لا شئ له قال الرجل فقلت ما صنعت به قال ومتى أبلغ شكره ولو صنعت به كل شئ قال على حال قال أعطيته مائة ناقة من خيار إبلي قال وأنبأنا ابن أبي الدنيا قال حدثنا أبو زكريا النخعي الخثعمي عن أبي عبيدة قال قال أبو سحيم الكلابي ضاف بحاتم رجل في سنة فلم يقدر على بشئ فطلب من عمه قراه لم يقدر على شئ وله ناقة ليسافر عليها يقال لها أفعى فعقرها فأطعم أضيافه قسمها وبعث إلى عياله قسمها الآخر فقال حاتم (3)
(٣٦٨)