فقال وأنت يا أيوب قد كان في عظمة الله وجلال الله وذكر الموت ما يكل لسانك ويكسر قلبك ويقطع حجتك ألم تعلم يا أيوب أن لله عبادا أسكتتهم خشيته عن الكلام من غير عي ولا بكم وأنهم الفصحاء الطلقاء الألباء العالمون بالله وبآياته ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم وانكسرت قلوبهم وطاشت أحلامهم وعقولهم فرقا من الله وهيبة له فإذا استفاقوا من تلك استبقوا إلى الله بالأعمال الزاكية والنية الصادقة يعدون أنفسهم مع الظالمين وأنهم لأبرار بوأوا مع المقصرين المفرطين وأنهم لأكياس أتقياء ولكنهم يستكثرون لله الكثير ولا يرضون له بالقليل ولا يدلون عليه بالأعمال فهم حيث ما لقيتهم مهتمون مشفقون خائفون وجلون ورواه غيره عن وهب فلم يذكر أيوب فيه أخبرناه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد أنا محمد بن هبة الله أنا محمد بن الحسين أنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب حدثنا أحمد بن يونس حدثنا المعافى بن عمران الموصلي حدثنا إدريس بن سنان أبو إلياس ابن بنت وهب حدثني وهب بن منبه ان ابن عباس طاف بالبيت حين أصبح أسبوعا (1) قال وهب وأنا وطاوس معه وعكرمة مولاه وكان قد رق بصره فكان يتوكأ على العصا فلما فرغ من طوافه انصرف إلى الحطيم (2) فصلى ركعتين ثم نهض فنهضنا معه فدفع عصاه إلى عكرمة مولاه وتوكأ علي وعلى طاوس ثم انطلق بنا إلى غربي الكعبة بين باب بني سهم وباب بني جمح فوقفنا على قوم بلغ ابن عباس أنهم يخوضون في حديث القدر وغيره مما يختلف الناس فيه فلما وقف عليهم سلم عليهم أجابوه ورحبوا وأوسعوا له فكره أن يجلس إليهم ثم قال يا معشر المتكلمين فيما لا يعنيهم ولا يرد عليهم ألم تعلموا أن لله عبادا قد أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم وأنهم لهم الفصحاء الطلقاء النبلاء والألباء والعالمون بالله وبآياته ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم وكسرت قلوبهم وطاشت عقولهم إعظاما لله عز وجل وإعزازا وإجلالا فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله عز وجل بالأعمال الزاكية يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين وأنهم
(٨١)