فمضى الرجل بخبر حارثة ولحارثة فيه أشعار بعضها (1) * بكيت على زيد ولم أدر ما فعل * أحي يرجى أم أتى دونه الأجل ووالله ما أدري وإني لسائل * أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة * فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل تذكرنيه الشمس عند طلوعها * ويعرض ذكراه إذا عسعس الطفل (2) وإن هبت الأرواح هيجن ذكره * فيا طول أحزاني عليه ويا وجل سأعمل نص (3) العيس في الأرض جاهدا * ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل حياتي أو تأتي على منيتي * وكل امرئ فان وإن غره الأمل (4) ثم إن حارثة أقبل إلى مكة في إخوته وولده وبعض عشيرته فأصاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بفناء الكعبة قال في نفر من أصحابه وزيدا فيهم فلما نظروا إلى زيد عرفوه وعرفهم فقالوا له يا زيد فلم يجبهم إجلالا منه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وانتظارا منه لرأيه فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) من هؤلاء يا زيد قال يا رسول الله هذا أبي وهؤلاء أعمامي وهذا أخي وهؤلاء عشيرتي فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) قم فسلم عليهم يا زيد فقام فسلم عليهم وسلموا عليه وقالوا زاد الفقيه له وقالا امض معنا يا زيد قال ما أريد برسول الله (صلى الله عليه وسلم) بدلا فقالوا له يا محمد إنا معطوك بهذا الغلام ديات فسم ما شئت فإنا حاملوها إليك قال أسألكم أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وأني خاتم أنبيائه ورسله فأبوا وتلكؤوا وتلجلجوا وقالوا تقبل ما عرضنا عليك يا محمد فقال لهم ها هنا خصلة غير هذه قد جعلت أمره إليه إن شاء فليقم وإن شاء فليرحل قالوا أقضيت ما عليك يا محمد وظنوا أنهم قد صاروا من زيد إلى حاجتهم قالوا يا زيد قد أذن لك محمد فانطلق معنا قال هيهات هيهات ما أريد برسول الله (صلى الله عليه وسلم) بدلا ولا أؤثر عليه والدا (5) فأداروه وألاصوه
(١٣٨)