يعقوب بن عيسى الزهري قال سمعت الزبير بن بكار يقول لما حضرت أيوب بن سليمان بن عبد الملك الوفاة وهو يومئذ ولي عهده دخل سليمان وهو يجود بنفسه ومعه عمر بن عبد العزيز ورجاء بن حياة وسعد بن عقبة فجعل ينظر في وجهه فخنقته العبر ثم نظر فقال إنه ما يملك العبد أن يسبق إلى قلبه الوجد عند المصيبة والناس في ذلك أضراب فمنهم من يغلب صبره على جزعه فذلك الجلد الحازم المحتسب ومنهم من يغلب جزعه على صبره فذلك (1) المغلوب الضعيف العقدة وليست منكم حشمة (2) فإني أجد في قلبي لوعة إن أنا لم أبردها بعبرة خفت أن يتصدع (3) كبدي فقال له عمر بن عبد العزيز يا أمير المؤمنين الصبر أولى بك فلا تحفظن (4) قال ابن عقبة فنظر إلي وإلى رجاء بن حياة نظر مستعتب يرجو أن يساعده على ما أراد من (5) البكاء فأما أنا فكرهت أمره (6) وأنهاه وأما رجاء فقال يا أمير المؤمنين فافعل فإني لا أرى بذلك بأسا ما لتأت من ذلك المفرط وقد بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما مات ابنه إبراهيم واشتد عليه وجده وجعلت عيناه تدمعان قال تدمع العين ويحزن العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب (7) وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون (8) قال فأرسل عينيه فبكى حتى ظننا أن نياط (9) قلبه قد انقطع قال فقال عمر بن عبد العزيز لرجاء يا رجاء ما صنعت بأمير المؤمنين قال دعه يقض من بكائه وطرا فإنه إن لم يخرج من صدره ما ترى خفت أن يأتي على نفسه قال ثم رقأت عبرته فدعا بماء فغسل وجهه وأقبل علينا حتى قضى أيوب وأمر بجهازه وخرج يمشي أما الجنازة فلما دفناه وحثا التراب عليه وقف قليلا لينظر إليه ثم قال *
(١٠٧)