أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد نا نصر بن إبراهيم أخبرني أبو الحسن علي بن طاهر القرشي فيما أذن لي في الرواية عنه أنا على بن عبد الله بن جهضم نا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري نا أحمد بن يوسف نا أحمد بن إبراهيم الطبري نا أحمد بن إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني حدثني أبي عن شقيق بن إبراهيم قال لقيت إبراهيم بن أدهم بمكة في سوق الليل عند مولد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو جالس ناحية من الطريق يبكي فعدلت إليه وجلست عنده وقلت إيش هذا البكاء يا أبا إسحاق فقال خير فعاودته مرة واثنتين وثلاثا فلما أكثرت عليه قال لي يا شقيق إن أنا أخبرتك تحدث به ولا تستر علي فقلت يا أخي قل ما شئت فقال اشتهت نفسي منذ ثلاثين سنة سكباجا (2) وأنا أمنعها جهدي فلما كان البارحة كنت جالسا وقد غلبني النعاس إذا أنا بفتى شاب بيده قدح أخضر يعلو منه بخار ورائحته سكباج قال فاجتمعت نهمتي عنه فقرب مني ووضع القدح بين يدي وقال يا إبراهيم كل فقلت ما آكل شيئا قد تركته لله عز وجل قال ولأن أطعمك الله تأكل فما كان لي جواب إلا بكيت فقال لي كل يرحمك الله فقلت له قد أمرنا أن لا نطرح في وعائنا إلا من حيث نعلم فقال كل عافاك الله فإنما أعطيت وقيل لي يا خضر اذهب بهذا وأطعم نفس إبراهيم بن أدهم فقد رحمها الله من طول صبرها على ما يحملها من منعها اعلم يا إبراهيم أني سمعت الملائكة يقولون من أعطي فلم يأخذ طلب فلم يعط فقلت إن كان كذلك فها أنا بين يديك لا أحل العقد مع الله عز وجل ثم التفت فإذا بفتى آخر ناوله شيئا وقال يا خضر لقمه أنت فلم يزل يلقمني حتى شبعت فانتهبت وحلاوته في فمي قال شفيق فقلت أرني كفك فأخذت بكفي كفه وقبلتها وقلت يا من يطعم الجياع الشهوات إذا صححوا المنع يا من يقدح في الضمير اليقين يا من شفى قلوبهم من محبته أقرى لشقيق عندك ذاك ثم رفعت يد إبراهيم إلى السماء وقلت
(٣٢٧)