كما لم تكن دمشق بمعزل عن الحياة والمشاركة فيها في كل العهود.
وتاريخ دمشق يقدم مادة غنية للذين يدرسون التاريخ الأندلسي.
ألم تنتقل الخلافة الأموية إلى الأندلس؟!
كل ذلك يؤكد أن تاريخ دمشق هو تاريخ حضاري للعالم العربي والاسلامي مند ما قبل البعثة النبوية وحتى عصر المؤلف الذي يقف عند سنة 571 (1). وكأن الحافظ ابن عساكر أراد أن يؤرخ للعالم العربي والاسلامي على امتداد رقعته الجغرافية شرقا وغربا من خلال تلك المشكاة المشعة دمشق الشام فكان بتاريخه الكبير الموسوعي الفذ شيخ المؤرخين ومؤرخ الحفاظ والمحدثين ختاما من عصر الحفاظ ابن عساكر وهو عصر الجهاد وعصر النهضة العلمية ومن خلال موسوعته تاريخ دمشق ندرك كيف استطاعت هذه الأمة تخطي محنتها بالصمود وبالقوة الحيوية الكامنة فيها وطرد الصليبيين وتحرير القدس ثالث الحرمين الشريفين ومحرك الاسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
ومع كل ما بذلناه من جهد وصبر وتحمل لاخراج هذه الموسوعة التاريخية العربية إلى الضوء نشعر بالتقصير، وفرحتنا الكبرى تكتمل يوم يكتمل عقد هذا السفر العظيم بأجزائه الثمانين.
وجدير بنا أن نردد هنا، وبعد تسعة قرون، ما قاله الحافظ في خطبة كتابه يوم ألف تاريخه: فمن وقف فيه على تقصير أو خلل، أو عثر فيه على تغيير أو زلل، فليعذر أخاه متطولا، وليصلح ما يحتاج إلى إصلاح متفضلا.
ونحن نردد وراءه:
وإن تجد عيبا فسد الخللا فجل من لا عيب فيه وعلا اللهم زدنا علما ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. واجعلنا ربنا خيرا مما يظنون واغفر لنا ما لا يعلمون ولا تؤاخذنا بما يقولون وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.
بيروت 10 ذو القعدة 1415 10 نيسان إبريل 1995 الناشر دار الفكر