والفقه، والعلوم، ولم تستطع أي من المراكز الأخرى في مصر، ومكة، والمدينة، وخراسان، ونيسابور، وأصبهان، ومرو، وهراة، وسرخس، وطوس، أن تنال من أهمية بغداد ودورها.
وقد عرف عن أهل بغداد أنهم أرغب الناس في طلب الحديث، وأشدهم حرصا عليه، وأكثرهم كتبا له.
ويقول الخطيب (1): وأهل بغداد موصوفون بحسن المعرفة، والتثبت في أخذ الحديث وآدابه وشدة الورع في روايته، اشتهر ذلك عنهم وعرفوا به.
ورحل أبو القاسم بن عساكر إلى بغداد سنة 520 ه (2)، وذهب من بغداد إلى الحج سنة 521 ه فسمع بمكة ومنى والمدينة، وممن سمع بمكة: عبد الله بن محمد المصري الملقب بالغزال بمكة، وعبد الخلاق بن عبد الواسع الهروي بمكة، وحدث بمكة ومنها قفل عائد إلى بغداد.
ولما دخل بغداد أعجب به العراقيون، وقالوا: ما رأينا مثله، وقال شيخه أبو الفتح المختار بن عبد الحميد: قدم علينا هذا فلم نر مثله (4).
وأقام ببغداد خمسة أعوام يحصل العلم، فسمع من هبة الله بن الحصين، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وقراتكين بن أسعد، وأبي غالب بن البناء، وهبة الله بن أحمد بن الطبر، وأبي الحسن البارع، وأحمد بن ملوك الوراق، والقاضي أبي بكر (5).
وسمع بالكوفة الشريف أبا البركات عمر بن إبراهيم الزيدي، وطوف وجاب العراق ولقي المشايخ، ثم عاد إلى بغداد فأقام بها يسمع الحديث (6). ولزم به التفقه