بسم الله الرحمن الرحيم تصدير (*) أهمية التاريخ:
إذا كان التاريخ سردا لماضي الانسانية، وسجلا لمجرى الحوادث الذي يصنعه الابطال والشعوب فإن التاريخ الكبير تاريخ دمشق لمحدث الشام ومؤرخها الحافظ ابن عساكر هو النور الساطع واللؤلؤة المضيئة بين كتب التاريخ. الذي يؤرخ لأعرق مدينة في التاريخ بل إنها جنة الأرض ومدينة العلم والفضل والحضارة أم الشام، يشد إليها الرحال بما زخرت به من المدارس وحلقات العلم في كل فن وعلم، وبما أنجبت من علماء وفرسان أعلام في كل حلبة من حلباتها.
لقد دأبت دار الفكر وديدنها منذ تأسيسها بعد أسفار التراث من شتى العلوم والفنون وإخراجها وبسطها للناس للاستفادة من كنوز الأجداد واستخلاص العبر منها.
ومنذ عشرين عاما وعند اطلاعنا على المجلد الذي حققه الأستاذ الدكتور شكري فيصل من تاريخ دمشق أثار لدينا حلما دفينا وأمنية من أعظم أمانينا، فقد كنا نحلم بتحقيق وإخراج هذا الكتاب وفاء منا لهذه المدينة العظيمة الذي كان لها دور مميز في كل عصر من عصور التاريخ. فعرضنا على الدكتور رحمه الله أن نكمل الطريق معا بإحياء هذا الأثر التاريخي النفيس وذلك بتحقيق بقية أجزاء الكتاب الثمانين، ولكن الدكتور رحمه الله أشفق علينا وقال: وأنى لنا ذلك؟! والكتاب حر زخار عميق الغور تقتصر عن جمعه وإنجازه وتحقيقه همم الرجال لعدم اكتمال مخطوطاته في مكان واحد من جهة، ولحاجته إلى سيل فياض لتغطية أعبائه المادية ونفقات إخراجه من جهة ثانية، وهو بهذا يحتاج لرعاية دولة وليس لدار نشر؟
ولكن كما قال الشاعر العربي:
* على قدر أهل العزم تأتي العزائم *