شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
364 - ودل على هذا قوله تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه} (1).
واستدل عليه بحديث معاوية، فإنه كان بينه وبين الروم عهد فكان يشير نحو بلادهم كأنه يقول: حتى نفى بالعهد ثم نغير عليهم.
يعنى أن العهد كان إلى مدة، ففي آخر المدة سار إليهم ليقرب منهم حتى يغير عليهم مع انقضاء المدة.
قال: وإذا شيخ يقول: الله أكبر! وفاء لا غدر، وفاء لا غدر.
وكان هذا الشيخ عمرو بن عنبسة السلمي.
تبين له بما قال أن في صنعه معنى الغدر، لانهم لا يعلمون أنه يدنو منهم يريد غارتهم وإنما يظنون أنه يدنو منهم للأمان.
فقال معاوية: ما قولك وفاء لا غدر؟ قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أيما رجل بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ولا يشدها حتى يمضى أمدها وينبذ إليهم على سواء.
وفى هذا دليل التحرز عما يشبه الغدر صورة ومعنى، والله الموفق.

(1) سورة التوبة، 9، الآية 6.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»