شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٥٣
اللفظ مشتقا من الأدنى الذي هو الأقل كما قال الله تعالى: {ولا أدنى من ذلك ولا أكثر} (1) فهو تنصيص على صحة أمان الواحد. وإن كان مشتقا من الدنو وهو القرب كما قال الله تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى} (2) فهو دليل على صحة أمان المسلم الذي يسكن الثغور فيكون قريبا من العدو. وإن كان مشتقا من الدناءة فهو تنصيص على صحة أمان الفاسق لان صفة الدناءة (66 ب) به تليق من المسلمين.
ثم الحاصل أن في الأمان معنى النصر. فان قوله {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} (3) نزلت في صلح الحديبية، وقد سماه الله فتحا مبينا ونصرا عزيزا.
وكل مسلم أهل أن يقوم بنصرة الدين، ويقوم في ذلك مقام جماعة المسلمين. ألا ترى أنه إذا تحقق النصرة منه بالقتال على وجه يدفع شر المشركين سقط به الفرض عن جماعتهم، فكذلك إذا وجد منهم النصرة بعقد الأمان والصلح كان ذلك كالموجود من جماعة المسلمين.
347 - ولهذا يصح أمان الحرة المسلمة لأنها من أهل النصرة، إلا أنه ليس لها بنية صالحة لمباشرة القتال، والأمان نصرة بالقول، وبنيتها تصلح لذلك، ألا ترى أنها تجاهد بمالها.
لان مالها يصلح لذلك كمال الرجل.
348 - والدليل على صحة أمانها أن زينب بنت رسول الله

(1) سورة المجادلة، 58، الآية 7.
(2) سورة النجم، 53، الآية 9.
(3) سورة الفتح، 48، الآية 1.
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»