شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٢٤
" إن من أعظم الموبقات الشرك بالله، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم القتال، وقذف المحصنات ".
ثم إن كان عدد المسلمين مثل نصف عدد المشركين لا يحل لهم الفرار منهم وكان الحكم في الابتداء أنهم إذا كانوا مثل عشر المشركين لا يحل لهم أن يفروا، كما قال الله تعالى {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} (1) ومن أخبر الله أنه غالب فليس له أن يفر.
ثم خفف الامر فقال: {الآن خفف الله عنكم} (2) إلى قوله {فان يكن منكم فئة صابرة يغلبوا مائتين} (3). وهذا إذا كان بهم قوة القتال بأن كانت معهم الأسلحة. فأما من لا سلاح له فلا بأس بأن يفر ممن معه السلاح. وكذلك لا بأس بأن يفر ممن يرمى إذا لم يكن معه آلة الرمي.
ألا ترى (4) أن له أن يفر من باب الحصن، ومن الموضع الذي يرمى فيه بالمنجنيق لعجزه (5) عن المقام في ذلك الموضع؟ وعلى هذا لا بأس بأن يفر الواحد من الثلاثة، إلا أن يكون المسلمون اثنى عشر ألفا كلمتهم واحدة.
فحينئذ لا يجوز لهم أن يفروا من العدو وإن كثروا لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لن يغلب اثنا عشر ألفا عن قلة، ومن كان غالبا فليس له أن يفر ".
115 - وذكر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد وأنا فيهم. فحاص المسلمون حيصة، يعنى انهزموا من العدو. فلما قدمنا المدينة قلنا: نحن الفرارون. فقال

(1) سورة الأنفال، 8، الآية 65.
(2) سورة الأنفال، 8، الآية 66.
(3) سورة الأنفال، 8، الآية 66.
(4) ط " ألا يرى ".
(5) ه‍ " لعجز ".
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»