أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا أحمد بن شعيب البخاري، حدثنا علي ابن موسى القمي، حدثني أحمد بن عبد قاضي الري، حدثنا أبي قال: كنا عند ابن عائشة فذكر حديث لأبي حنيفة، فقال بعض من حضر: لا ترده. فقال له: أما إنكم لو رأيتموه لأردتموه، وما أعرف له ولكم مثلا إلا ما قال الشاعر:
أقلوا عليه ويحكم لا أبا لكم * من اللؤم أو سدوا المكان الذي سدا أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا يحيى بن معين قال:
سمعت عبيد بن أبي قرة يقول: سمعت يحيى بن ضريس يقول: شهدت سفيان وأتاه رجل فقال له: ما تنقم على أبي حنيفة؟ قال: وما له. قال: سمعته يقول: آخذ بكتاب الله فما لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت منهم ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم. فأما إذا انتهى الأمر - أو جاء - إلى إبراهيم، والشعبي، وابن سيرين، والحسن، وعطاء، وسعيد بن المسيب - وعدد رجالا - فقوم اجتهدوا فأجتهد كما اجتهدوا، قال: فسكت سفيان طويلا ثم قال: كلمات برأيه ما بقي في المجلس أحد إلا كتبه -: نسمع الشديد من الحديث فنخافه، ونسمع اللين فنرجوه، ولا نحاسب الأحياء، ولا نقضي على الأموات، نسلم ما سمعنا، ونكل ما لم نعلم إلى عالمه، ونتهم رأينا لرأيهم.
[قال الخطيب]: وقد سقنا عن أيوب السختياني، وسفيان الثوري وسفيان ابن عيينة، وأبي بكر بن عياش، وغيرهم من الأئمة أخبارا كثيرة تتضمن تقريظ أبي حنيفة والمدح له، والثناء عليه.
والمحفوظ عند نقلة الحديث عن الأئمة المتقدمين - وهؤلاء المذكورون منهم - في أبي حنيفة خلاف ذلك، وكلامهم فيه كثير لأمور شنيعة حفظت عليه. متعلق بعضها بأصول الديانات، وبعضها بالفروع، نحن ذاكروها بمشيئة الله، ومعتذرون إلى من وقف عليها وكره سماعها، بأن أبا حنيفة عندنا مع جلالة قدره أسوة غيره من