لتقبضها فقل لم يكن هذا أملي من أمير المؤمنين، فدعي ليقبضها فقال ذلك، فرفع إليه خبره فحبس الجائزة، قال: فكان أبو حنيفة لا يكاد يشاور في أمره غيري.
ما ذكر من جود أبي حنيفة وسماحه وحسن عهده:
أخبرني أبو بشر الوكيل وأبو الفتح الضبي قالا: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدثنا مكرم بن أحمد، حدثنا أحمد بن محمد الحماني، حدثنا عاصم بن علي قال:
سمعت قيس بن الربيع يقول: كان أبو حنيفة رجلا ورعا فقيها محسودا، وكان كثير الصلة والبر لكل من لجأ إليه، كثير الأفضال على إخوانه، قال: وسمعت قيسا يقول:
كان النعمان بن ثابت من عقلاء الرجال. وقال مكرم: حدثنا أحمد بن عطية، حدثنا الحسن بن الربيع قال: كان قيس بن الربيع يحدثني عن أبي حنيفة انه كان يبعث بالبضائع إلى بغداد فيشتري بها الأمتعة ويحملها إلى الكوفة، ويجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة، فيشتري بها حوائج الأشياخ المحدثين وأقواتهم وكسوتهم وجميع حوائجهم، ثم يدفع باقي الدنانير من الأرباح إليهم فيقول: أنفقوا في حوائجكم ولا تحمدوا إلا الله، فاني ما أعطيتكم من مالي شيئا، ولكن من فضل الله علي فيكم، وهذه أرباح بضائعكم فإنه هو والله مما يجريه الله لكم على يدي، فما في رزق الله حول لغيره.
أخبرنا الحسين بن علي الحنيفي، حدثنا علي بن الحسن الرازي، حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، حدثنا أحمد بن زهير، أخبرنا سليمان بن أبي شيخ، حدثني حجر ابن عبد الجبار قال: ما رأى الناس أكرم مجالسة من أبي حنيفة، ولا إكراما لأصحابه.
قال حجر: كان يقال إن ذوي الشرف أتم عقولا من غيرهم.
أخبرنا الصيمري قال: قرأنا على الحسين بن هارون عن أبي العباس بن سعيد قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الخازمي، حدثنا حسين بن سعيد اللخمي قال:
سمعت حفص بن حمزة القرشي يقول: كان أبو حنيفة ربما مر به الرجل فيجلس إليه لغير قصد ولا مجالسة، فإذا قام سأل عنه فان كانت به فاقة وصله، وإن مرض عاده حتى يجره إلى مواصلته، وكان أكرم الناس مجالسة.
أخبرنا الخلال، أخبرنا الحريري أن النخعي حدثهم قال: حدثنا أحمد بن عمار بن أبي مالك الجنبي عن أبيه عن الحسن بن زياد قال: رأى أبو حنيفة على بعض جلسائه ثيابا رثة، فأمره فجلس حتى تفرق الناس وبقي وحده. فقال له: ارفع المصلى وخذ ما