التاريخ الصغير - البخاري - ج ١ - الصفحة ١٢
أن يلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا عليه الموعد للمجلس، فحضروا وحضر جماعة من الغرباء من أهل خرسان وغيرهم من البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب رجل من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه، فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد، حتى فرغ، والبخاري يقول: لا أعرفه.
وكان العلماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض، يقولون: فهم الرجل، ومن كان لم يدر القصة يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الحفظ.
ثم انتدب رجل من العشرة أيضا، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، فلم يزل يلقي عليه واحدا، حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب الثالث، والرابع إلى تمام العشرة، حتى فرغوا كلهم من إلقاء تلك الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على: لا أعرفه.
فلما علم أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول فقال: أما حديثك الأول فقلت كذا، وصوابه كذا، وحديثك الثاني كذا، وصوابه كذا، والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، فأقر الناس له بالحفظ، وأذعنوا له بالفضل ".
يقول الحافظ ابن حجر معلقا على هذا الخبر:
" قلت: هنا يخضع للبخاري، فما العجب من رده الخطأ إلى
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»