الشيخ المفيد، فإذا وجدوا رواية على خلاف معتقدهم وصفوها بحسب الطبع بالضعف وراويها بالجعل والدس.
قال العلامة المجلسي رحمه الله بعد ما فسر الغلو في النبي والأئمة عليهم السلام: " ولكن أفرط بعض المتكلمين والمحدثين في الغلو لقصورهم عن معرفة الأئمة عليهم السلام، وعجزهم عن إدراك غرائب أحوالهم وعجائب شؤونهم، فقدحوا في كثير من الرواة الثقات بعض غرائب المعجزات حتى قال بعضهم: من الغلو نفي السهو عنهم، أو القول بأنهم يعلمون ما كان وما يكون " (1).
وعلى ذلك، فليس من البعيد أن الغضائري ونظراءه الذين ينسبون كثيرا من الرواة إلى الضعف والجعل، كانوا يعتقدون في حق النبي والأئمة عليهم السلام عقيدة هذه المشايخ، فإذا وجدوا أن الرواية لا توافق معتقدهم اتهموه بالكذب ووضع الحديث.
والآفة كل الآفة هو أن يكون ملاك تصحيح الرواية عقيدة الشخص وسليقته الخاصة فإن ذلك يوجب طرح كثير من الروايات الصحيحة واتهام كثير من المشايخ.
والظاهر أن الغضائري كان له مذاق خاص في تصحيح الروايات وتوثيق الرواة، فقد جعل إتقان الروايات في المضمون، حسب مذاقه، دليلا على وثاقة الراوي، ولأجل ذلك صحح روايات عدة من القميين، ممن ضعفهم غيره، لأجل أنه رأى كتبهم، وأحاديثهم صحيحة.
كما أنه جعل ضعف الرواية في المضمون، ومخالفته مع معتقده في ما يرجع إلى الأئمة، دليلا على ضعف الرواية، وكون الراوي جاعلا للحديث،