وفيه: أن ذلك إنما يتم لو وصل إلينا كتاب الممدوحين منه، فعندئذ لو كان المضعفون أكثر من الممدوحين والموثقين، لكان لهذا الرأي مجال.
ولكن يا للأسف! لم يصل إلينا ذلك الكتاب، حتى نقف على مقدار تعديله وتصديقه، فمن الممكن أن يكون الممدوحون عنده أكثر من الضعفاء، ومعه كيف يرمي بالخروج عن المتعارف؟
ولأجل ذلك نجد أن النسبة بين ما ضعفه الشيخ والنجاشي أو وثقاه، وما ضعفه ابن الغضائري أو وثقه، عموم من وجه. فرب ضعيف عندهما ثقة عنده وبالعكس، وعلى ذلك فلا يصح رد تضعيفاته بحجة أنه كان خارجا عن الحد المتعارف في مجال الجرح.
بل الحق في عدم قبوله هو ما أوعزنا إليه من أن توثيقاته وتضعيفاته لم تكن مستندة إلى الحس والشهود والسماع عن المشايخ والثقات، بل كانت مستندة إلى الحدس والاستنباط وقراءة المتون والروايات، ثم القضاء في حق الراوي بما نقل من الرواية، ومثل هذه الشهادة لا تكون حجة لا في التضعيف ولا في التوثيق. نعم، كلامه حجة في غير هذا المجال، كما إذا وصف الراوي بأنه كوفي أو بصري أو واقفي أو فطحي أو له كتب، والله العالم بالحقائق.