" هذا الحديث من مراسيل المؤلف، وهي كثيرة في هذا الكتاب، تزيد على ثلث الأحاديث الموردة فيه، وينبغي أن لا يقصر الاعتماد عليها من الاعتماد على مسانيده، من حيث تشريكه بين النوعين في كونه مما يفتي به ويحكم بصحته، ويعتقد أنه حجة بينه وبين ربه، بل ذهب جماعة من الأصوليين إلى ترجيح مرسل العدل على مسانيده محتجين بأن قول العدل " قال رسول الله صلى الله عليه وآله كذا " يشعر باذعانه بمضمون الخبر، بخلاف ما لو قال " حدثني فلان، عن فلان أنه صلى الله عليه وآله قال كذا " وقد جعل أصحابنا قدس الله أرواحهم مراسيل ابن أبي عمير كمسانيده في الاعتماد عليها، لما علموا من عادته أنه لا يرسل إلا عن ثقة (1).
وقال المحقق الداماد في الرواشح: " إذا كان الارسال بالاسقاط رأسا جزما، كما قال المرسل " قال النبي، أو قال الامام " فهو يتم فيه، وذلك مثل قول الصدوق في الفقيه " قال الصادق عليه السلام: الماء يطهر ولا يطهر " إذ مفاده الجزم أو الظن بصدور الحديث عن المعصوم، فيجب أن تكون الوسائط عدولا في ظنه، وإلا كان الحكم الجازم بالاسناد هادما لجلالته وعدالته " (2).
ولا يخفى أن غاية ما يقتضيه الاسناد جازما، هو جزم الصدوق أو اطمئنانه على صدور الرواية من الإمام عليه السلام، وهذا لا يقتضي أن يكون منشأ جزمه هو عدالة الراوي أو وثاقته، فيمكن أن يكون مشوه هو القرائن الحافة على الخبر التي يفيد القطع أو الاطمئنان بصدور الخبر، ولو كان اطمئنانه حجة للغير، يصح للغير الركون إليه وإلا فلا.
الرابعة: قد عرفت أن الصدوق كثيرا ما ذكر الراوي ونسي أن يذكر طريقه إليه في المشيخة، أو ذكر طرقه ولكن لم يكن صحيحا عندنا، فهل هنا طريق