الأولى: إنه استدل على أن روايات كتاب " الفقيه " كلها صحيحة، بمعنى كون من جاء في أسانيده من الرواة ثقات، بقوله قدس سره: " بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته " والمراد من الصحة في هذه العبارة، هو الحكم بعدالة الراوي أو وثاقته، فتكون هذه العبارة تنصيصا من الشيخ الصدوق على أن من ورد في أسناد ذلك الكتاب، كلهم عدول أو ثقات، ولا يخفى أن استفادة ذلك من تلك العبارة مشكل جدا.
أما أولا، فلان الصحيح في مصطلح القدماء ومنهم الصدوق، غير الصحيح في مصطلح المتأخرين، إذ الصحيح عند المتأخرين هو كون الراوي عدلا إماميا، ولكن الصحيح عند القدماء عبارة عما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق والركون إليه وأسبابه عندهم مختلفة.
ومنها: وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة المؤلفة في عصور الأئمة عليهم السلام، أو وجوده في أصل معروف الانتساب لمن اجتمعت العصابة على تصديقهم كزرارة ومحمد بن مسلم وأضرابهما.
ومنها: اندراجه في إحدى الكتب التي عرضت على الأئمة صلوات الله عليهم فأثنوا على مصنفيها، ككتاب عبيد الله الحلبي الذي عرض على الصادق عليه السلام وكتاب يونس بن عبد الرحمن وفضل بن شاذان المعروضين على العسكري عليه السلام.
ومنها: كونه مأخوذا من الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها، سواء الفت بيد رجال الفرقة المحقة ككتاب الصلاة لحريز بن عبد الله، وكتب الحسن والحسين ابني سعيد، وعلي بن مهزيار، أو بيد غيرهم ككتاب حفص بن غياث، وكتب الحسين بن عبيد الله السعدي وكتاب القبلة لعلي بن