كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٢٦٧
وأما إذا كانت الشهادة منتهية إلى نفس الشيخ، وكانت شهادته على أنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة، مبينة على استقرائه في مشايخهم، فلا تعتد بها إذا تبين الخلاف، واعلم أنهم يروون عن غير الثقة أيضا، إذ عندئذ يتبين أن استقراء الشيخ كان استقراء ناقصا غير مفيد لامكان انتزاع الضابطة الكلية، فلا يصح الاخذ بها لبطلان أساسها.
هذا ما يرومه معجم رجال الحديث. وإن كانت العبارة غير وافية بهذا التقرير، ولكن الإجابة عن هذا الاشكال ممكنة بعد الدقة في عبارة " العدة ".
لان الظاهر من عبارة الشيخ هو استكشاف الطائفة التزامهم بأنهم ما كانوا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة، على وجه كانت القضية مشهورة في الأوساط العلمية قبل زمن الشيخ إلى أن انتهت إليه، فعند ذاك يكون الشيخ حاكيا لهذا الاستكشاف، لا أنه هو الذي كشف ذلك، وادعى الاجماع عليه. ألا ترى أنه يقول: " سوت الطائفة بين ما يرويه هؤلاء وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثقه به " فالطائفة التي سوت بين ما يرويه هؤلاء هي التي كشفت هذا الالتزام عنها وعرفها الشيخ، وبذلك يسقط الاشكال عن الصلاحية، لأنه كان مبنيا على أن الشيخ هو الذي كشف الضابطة عن طريق الاستقراء، وبالعثور على مشايخ ضعفهم الشيخ نفسه في كتبه، يكون ذلك دليلا على نقصان الاستقراء.
ولكنك عرفت أن احتمال كون الشيخ هو المستكشف، فضلا عن كون استكشافه مبنيا على الاستقراء، أمر لا توافقه عبارة " العدة. وعلى ذلك يؤخذ بهذه الشهادة، ويحكم بوثاقة مشايخهم عامة، وإن لم يذكروا في الكتب الرجالية بشئ من الوثاقة والمدح.
الوجه الثاني: ربما يقال إن هذه المحاولة إنما تنتج في المسانيد، فيحكم بوثاقة كل من جاء فيها إلا من ثبت ضعفه. وأما المراسيل فلا تجري
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 273 ... » »»
الفهرست