كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٢٥٦
بالغلو، فصار ذلك الاعتقاد مبدءا للتضعيف، ومن تتبع رجاله يقف على أن النجاشي متأثر جدا بطريقة ابن الغضائري، وأن بعض تضعيفاته أو كثيرا منها إذا لم يذكر لها وجها، كان لاعتقاد الغلو في الراوي. وقد عرفت عند البحث عن كتاب ابن الغضائري أن مفهوم الغلو لم يكن محدودا آنذاك، حتى يعرف به الغالي من المقصر.
وهذا الاحتمال وإن لم يكن له دليل، إلا أنه مظنون لمن راجع رجال النجاشي. وعلى ذلك فلا يعد تضعيفه نقضا للقاعدة التي استنبطها الأصحاب من طريقة هؤلاء الثقات، والتزامهم بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة.
4 عبد الله بن خداش المنقري: روى الكليني عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عبد الله بن خداش المنقري أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل مات وترك ابنته وأخاه، قال: المال للابنة (1).
قال النجاشي " عبد الله بن خداش، أبو خداش المهري ضعيف جدا، وفي مذهبه ارتفاع، له كتاب أخبرناه ابن شاذان، عن أحمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا أبي، قال حدثنا سلمة بن الخطاب عنه بكتابه " (2).
أقول: إن النجاشي وإن ضعفه، لكن تضعيفه بقرينة قوله " وفي مذهبه ارتفاع " لأجل اعتقاده بأنه غال، لا لأنه ليس بصدوق. والظاهر كما عرفت أن النجاشي كان متأثرا بابن الغضائري في تضعيف الراوي في بعض الأحيان لأجل كونه راويا لبعض ما يتراءى منه الغلو، حسب عقيدة النجاشي وزميله ابن الغضائري، ومثل ذلك لا يمكن الاعتماد عليه.

(١) الكافي: ج ٧ كتاب المواريث باب ميراث الولد، الحديث ٤، ومستدرك الوسائل الجزء ١٧، الباب ٥ من أبواب ميراث الأبوين، الحديث ٢.
(٢) رجال النجاشي: الرقم 604.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست