قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ٥٩
ينطقوا بشيء، كل منهم ينظر إلى وجه عمر، فأكب مليا ينكت الأرض بيده، ثم رفع رأسه فقال للقوم: ما تقولون في يمين هذا الرجل؟ فسكتوا، فقال: سبحان الله!
قولوا، فقال رجل من بني أمية: هذا حكم في فرج ولسنا نجترئ على القول فيه، قال له: قل، فإن القول ما لم يكن يحق باطلا أو يبطل حقا جائز علي في مجلسي، قال: لا أقول شيئا، فالتفت إلى رجل من بني هاشم من ولد عقيل فقال له: ما تقول في ما حلف به هذا الرجل يا عقيلي؟ فاغتنمها فقال: إن جعلت قولي حكما قلت وإلا فالسكوت أوسع لي، قال: قل وحكمك ماض، فلما سمع ذلك بنو أمية قالوا: ما أنصفتنا لأنك لم تعطنا ما أعطيت العقيلي ولا حكمتنا كما حكمته، فقال: إن كان أصاب وأخطأتم وحزم وعجزتم فما ذنبي، لا أبا لكم! أتدرون ما مثلكم؟ قالوا:
لا، قال: لكن العقيلي يدري، فقال العقيلي: مثلهم كما قال الأول:
دعيتم إلى أمر فلما عجزتم * تناوله من لا يداخله عجز فلما رأيتم ذاك أبدت نفوسكم * نداما وهل يغني من الحذر الحرز فقال له عمر: أصبت فقل ما سألتك عنه، فقال العقيلي: بر قسمه ولم تطلق امرأته، فقال له عمر: وأنى علمت ذاك؟ قال: نشدتك الله، ألم تعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة (عليها السلام) - وهو عندنا في بيتها عائد لها -: ما علتك يا بنية؟ قالت: الوعك يا أبتاه - وكان علي (عليه السلام) غائبا في بعض حوائج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - فقال لها: أتشتهين شيئا؟ قالت: نعم، أشتهي عنبا وأنا أعلم أنه عزيز وليس وقت عنب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله قادر على أن يجيئنا به، ثم قال: اللهم ائتنا به مع أفضل أمتي عندك منزلة، فطرق علي (عليه السلام) الباب ودخل ومعه مكتل قد ألقى عليه طرف ردائه، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما هذا يا علي؟ قال: عنب التمسته لفاطمة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
الله أكبر الله أكبر، اللهم كما سررتني بأن خصصت عليا بدعوتي فاجعل فيه شفاء بنيتي، ثم قال: كلي يا بنية، فأكلت، وما خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى استقلت وبرأت.
فقال له عمر: أصبت وبررت، أشهد لقد سمعته ووعيته يا رجل! خذ يد امرأتك فإن عرض لك أبوها فاهشم أنفه.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست